الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يحق للزوج الغضب من تصرفات زوجته الرشيدة في مالها في حدود ما أباحه الشرع

السؤال

نحن أخوات لنا شقة ورثناها، مقسمة بيننا، في محافظة غير المحافظة التي نعيش فيها، وإذا احتاجت إحدانا للذهاب إلى تلك المحافظة تقيم فيها بضعة أيام لا تتجاوز الأسبوع، وعلى فترات متباعدة، قد تكون مرة أو مرتين في السنة، ومنذ ثلاثة أعوام تزوجت أختي، وكان زوجها يعمل نصف الأسبوع في محافظتنا، والنصف الآخر في تلك المحافظة، فاقترحت أمي بدلًا من أن يدفع إيجار شقة أخرى أن يستخدم هذه الشقة، ولو لمدة سنة، وللأمانة رفض في البداية رفضًا قاطعًا؛ حتى لا يمنعنا من الذهاب إليها، ثم وافق بشرط أن تخبره من تريد الذهاب قبلها، وسوف يترك الشقة خلال ذلك الأسبوع، ويذهب إلى أحد أصدقائه ليبيت عنده تلك الأيام، واستمر هذا الوضع مدة ثلاث سنوات، لكن زوجي لم يعجبه الوضع، ورفض رفضًا قاطعًا أن نذهب إلى الشقة، ولو في نصف الأسبوع الذي لا يقيم فيه زوج أختي، ولا نطلب منه أن يترك الشقة الأسبوع الذي نريد النزول فيه، ولم أتحدث مع أحد عن كلام زوجي؛ حتى لا أثير حساسيات بينه وبين أخواتي، ولكنني لمحت لأمي كثيرًا، ولكنها كانت تقول: إنه لم يمنعكم من الذهاب، ومنعنا زوجي من الذهاب للمحافظة الأخرى كل الفترة السابقة، ويقول: إن أمي بفكرتها جعلت أختي وزوجها يعتديان على حقوقنا أنا وأخواتي الباقيات، ولا يريد زيارتها بسبب ذلك، وأصبحت نظرته لزوج أختي أنه انتهازي، وطماع، وأنه حرمنا من الذهاب هناك كل هذه الفترة، ويتجنب التعامل معه، رغم أن زوج أختي لا يقصد ذلك على الإطلاق، ولكنه يتعامل من باب الإخوة، وأننا أسرة واحدة، ولو كان يعرف أن زوجي يرفض لما أقام فيها لحظة، والآن ترك العمل في تلك المحافظة، ولم يعد يسافر هناك، وما زال زوجي يتجنب التعامل معه، ويقول: إنه يجب أن يعوضنا عن كل تلك الفترة بأن يدفع إيجار إقامته فيها لي ولأخواتي، ولا يمكننا على الإطلاق أن نطالب بذلك، وإلا فستكون هناك مشاكل بيننا، خصوصًا أن أخواتي الباقيات لم يتكلمن في الموضوع، والحفاظ على العلاقة الطيبة بيني وبين أخواتي عندي أهم من كنوز الدنيا كلها، وقلت له: أنا أسامحه في حقي، فيقول: ولكن أولادك لا يسامحونه على حرمانهم من السفر إلى هناك كل هذه الفترة، فهل زوج أختي فعلًا أخذ حقنا، رغم أنه لم يمنعنا من الذهاب في الأيام التي لا يقيم فيها، وطلب أن نخبره أن يترك الشقة إذا أردنا البقاء فيها في أي وقت، ولكن زوجي هو الذي رفض؟ وهل عليه التعويض؟ ولو تنازلت عن حقي وسامحته -إن كان لي حق- فهل يحق لزوجي عدم التعامل معه، وزيارة أمي لهذا السبب؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فيجوز للمرأة الرشيدة التصرف في مالها في حدود ما أباحه الشرع، ولا يشترط في ذلك إذن الزوج، كما بيناه في الفتويين رقم: 76751، ورقم: 1693.

ومن ثم، فما دامت الشقة المذكورة ملكًا لك ولأخواتك ـ وقد أذنتن لزوج أختك بالسكنى فيها ـ فليس لزوجك الاعتراض على ذلك، كما أنه ليس على زوج أختك تعويض المدة التي سكن فيها الشقة؛ لأنه سكنها بإذن، وهبة، وطيب نفس ممن يملكها، وقد أوضحتِ ذلك بالتفاصيل، فلا داعي ـ إذن ـ لأن يغضب زوجك مما حصل، وليس له حق بهذا الخصوص، فأنت من تملكين جزءًا من الشقة، ولك الحق في التصرف في ما تملكين بالهبة، أو غيرها في حدود المباح شرعًا، كما أنه غير محق في ترك التعامل مع زوج أختك، أو ترك زيارة أمك للسبب المذكور، وإن كان تصرفه ذلك يصل حد الهجر، فهو آثم؛ لأن هجران المسلم فوق ثلاث لا يجوز، إلا لوجه شرعي؛ لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل للرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا، ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. متفق عليه.

وما ذكر ليس بوجه مبيح للهجر، وقد بينا الأحوال التي يباح فيها هجر المسلم فوق ثلاث، وذلك في الفتوى رقم: 7119.

فينبغي أن تناصحي زوجك، وبيني له خطأ فعله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني