الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام رجوع المطلقة لزوجها وعدم رغبتها في الرجوع

السؤال

تزوجت منذ سنة من رجل ذمه الكثير من الناس، ولكنني بعد الاستخارة ارتحت له ووافقت عليه، وبعد الزواج لم أعلم لماذا ذمه الناس، لأنني وجدته ملتزما ويصلي في المسجد وكريما، ويعاملني بالحسنى، وبدأت أكتشف سلبياته يوما بعد يوم، فهو شكاك نوعا ما وعصبي، وقد ضربني أكثر من مرة واعترف لي مرات كثيرة أنه كان على علاقة بفتيات كثيرات، وكثيرا ما كان يقارن بيني وبين تلك الفتيات سواء من ناحية الجمال أو... فصارحته بأن هذا الشيء يجرحني كثيرا دون فائدة، وأنا من النساء الصبورات جدا ـ ولله الحمد ـ وكانت لدي القدرة على التحمل والصبر عليه وقلت لنفسي أستطيع أن أغيره ـ بإذن الله ـ وكلمة الطلاق لا تفارق لسانه، خلال سنة ذكر موضوع الطلاق والله دون مبالغة فوق عشرين مرة، وأمام كل مشكلة... يهددني بالطلاق، وقد طلقني في الشهر الثاني من زواجنا، وبعدها أرجعني بسرعة واعتذر لأبي، وطلقني مرة أخرى وأنا حامل بحملي الأول دون أن يراعي مشاعري، وسقط الجنين في الشهر الثاني، وطوال هذه المدة كان يريد أن يرجعني ولكنني رفضت لتأديبه، ولم أعد أرغب فيه فقد يطقلني الطلقة الأخيرة، أرشدوني إلى الطريق الصحيح، فأنا لا أرغب في الرجوع له وفي نفس الوقت لا أريد أن أظلمه.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الله تعالى قد أمر الأزواج بحسن عشرة زوجاتهم، قال سبحانه: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء:19}.

وأوصى النبي صلى الله عليه وسلم بهن خيرا، ففي الحديث المتفق عليه قوله: استوصوا بالنساء خيرا.

وقد ذكرت عن زوجك عدة أمور تنافي هذه التوجيهات الشرعية الحكيمة كعصبيته تجاهك، وضربه لك، وتهديده لك بالطلاق، وقد أحسنت بصبرك عليه ومحاولتك إصلاحه.

وأما رجوعك إليه: فإن كنت لا تزالين في عدة الطلاق، فله الحق في رجعتك ولو من غير رضاك، لقوله تعالى: وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا {البقرة:228}.

فإن غلب على ظنك صلاحه وأنه يمكن أن يحسن معاملتك فاقبلي بالرجوع إليه، وإن غلب على الظن أن يظل الأمر على ما هو عليه فاختلعي منه، وراجعي في معنى الخلع الفتوى رقم: 3875.

وأما إذا انقضت العدة: فليس له رجعتك إلا برضاك، والأمر في الرجوع إليه من عدمه يعمل فيه بمقتضى ما هو مرجو من المصلحة ـ كما أسلفنا ـ واجعلي من استشارة الأمناء الناصحين ممن يعرفونه أساسا، إضافة إلى استخارة الرب تبارك وتعالى، وانظري الفتوى رقم: 19333.

ولمعرفة متى يعتبر السقط موجباً لانتهاء العدة انظري الفتوى رقم: 76736.

ولو أبيت إلا فراقه لم تكوني ظالمة له، ففي حالة الخلع هنالك سبب دعاك إليه، وبعد انتهاء العدة فالأمر راجع إليك، وقد يقيض الله لكل منكما من الأزواج من يسعد معه، قال تعالى: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا {النساء:130}.

قال القرطبي في تفسيره: أي: وإن لم يصطلحا، بل تفرقا، فليحسنا ظنهما بالله، فقد يقيّض للرجل امرأة تقر بها عينه، وللمرأة من يوسع عليها. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني