الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من قال: "عليّ الطلاق بالثلاث ما يدخل الرسيفر بيتي مرة أخرى" ويريد إدخاله

السؤال

حدثت منذ أكثر من ثماني سنوات حادثة، وهي تؤرقني كل فترة وفترة، وسأحاول الاختصار:
أنا متزوج ولديّ 5 أطفال، قبل 8 سنوات أو 9 كان عندنا دش عادي (عرب سات)، وكان عندي وقتها طفلان، ثم همّت نفسي الأمارة بإحضار دش أوروبي مفتوح، وبالفعل أحضرته ووضعته في المجلس، وفي تلك الليلة سهرت على ما يغضب الله من الأفلام الإباحية الخالصة، وهي ليلة واحدة فقط، بل ساعات قليلة جدًّا، فلم أحتمل وجوده في بيتي، ثم قلت: "عليّ الطلاق بالثلاث ما يدخل الرسيفر بيتي مرة أخرى"، وكنت أقصد الطلاق؛ لأنه من المستحيل أن أطلق زوجتي بسبب دش ورسيفر، وكان الغرض الرئيس أنني كنت أظن أني إذا حلفت بالطلاق فلن أعود وأحضر الدش والرسيفر مرة أخرى، وظللنا على هذا الحال سنتين، ثم استفتيت في أن أدخل رسيفر قناة المجد، وأفتوني بالجواز، وأحضرته مع رسيفر الأسرة، وإلى الآن لم أدخل الرسيفر الخاص بالقنوات العربية المعروفة، وإنما رسيفر المجد والأسرة فقط.
سؤالي: أنا أشك هل حلفت مع يمين طلاق ألا أطالع تلك الأفلام مرة أخرى، أم اقتصرت يميني بالطلاق على إحضار الدش والرسيفر، علمًا أنني لم أطالع أفلامًا جنسية صريحة خالصة، ولكن نفسي ضعفت بعض المرات، وطالعت مقاطع فيها عري، وقلة حياء على النت، ثم استغفرت وتبت، وظللت شهورًا لا أرى فيها أي شيء من هذه المقاطع، وأحيانًا تضعف نفسي مرة أخرى وأطالع، وكلها فترات قصيرة جدًّا، ثم أستغفر وأتوب، فهل يقع الطلاق في مثل هذه الحالات؟ وأريد الآن أن أحضر الرسيفر، ويعلم الله أني لا أريد القنوات الفاسقة، ولكن نريد بعض القنوات الإخبارية المحافظة نوعًا ما، والقنوات الرياضية أيضًا التي لا تظهر الرياضيات المتفسخات، والقنوات الوثائقية، -وهذا بيني وبين ربي-، وأهلي أيضًا لا يريدون القنوات التي فيها مسلسلات، وأفلام، ونريد أيضًا قنوات الكرتون للصغار، وسنلغي القنوات غير الهادفة، فهل يقع الطلاق إذا أحضرته لهذا الغرض؟ وبارك الله فيكم، ولا تنسوني من دعائكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالذي عليه أكثر أهل العلم أنّ من حلف بالطلاق الثلاث، وحنث في يمينه طلقت زوجته ثلاثًا، وبانت منه بينونة كبرى، سواء قصد بيمينه إيقاع الطلاق أم قصد مجرد التهديد والتأكيد، لكن بعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ يجعل الحالف بالطلاق للتهديد، أو التأكيد كالحالف بالله، فإذا حنث في يمينه لزمته كفارة يمين، ولم يلزمه طلاق، وانظر الفتوى رقم: 11592.

وعليه؛ فالمفتى به أنّك إذا حنثت في يمينك طلقت زوجتك ثلاثًا، وبانت منك بينونة كبرى.

وحنثك في هذا اليمين يتوقف على نيتك بما تلفظت به؛ لأنّ النية تخصّص العام، وتعمّم الخاص، فإن كنت قصدت منع دخول هذه الأجهزة مطلقًا، فإنك تحنث إذا أدخلتها بيتك مطلقًا، وأما إن كنت قصدت منع دخول نوع معين فلا تحنث بدخول غيره، وراجع الفتوى رقم: 191773.

وأما بخصوص شكك في الحلف على عدم مشاهدة الأفلام المحرمة، فلا يترتب الطلاق على مشاهدتها، ما دام الأمر شكًّا، لكن الواجب عليك التوبة إلى الله من مشاهدة هذه المحرمات، وراجع الفتوى رقم: 6617.

والذي ننصحك به أن تعرض مسألتك على من تمكنك مشافهته من أهل العلم الموثوق بعلمهم وورعهم.

وننبهك إلى أن الحلف المشروع هو الحلف بالله تعالى، وأما الحلف بالطلاق فهو من أيمان الفسّاق، وقد يترتب عليه ما لا تحمد عقباه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني