الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

استحباب سؤال الرب جميع مصالح الدين والدنيا

السؤال

أعاني من تقتير في الرزق, هل يجوز أن أشكو لله ـ وهو الرزاق ـ ضيق الرزق؛ لأني سمعت أنه يجب أن لا نسأل الله الصبر بل نسأله العافية؟
وابتلاني الله بذنب وأسأله دائما أن يعافيني منه، ولكن أعود دائما له، كيف أتخلص منه؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالمحظور هو شكوى الله إلى خلقه، لا شكوى العبد إلى ربه؛ قال تعالى: وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ [الأنبياء: 83، 84].

قال الحافظ ابن رجب في جامع العلوم والحكم: في شرح حديث: ... يا عبادي؛ كلُّكُم ضالٌّ إلاَّ من هديتُه، فاستهدوني أهدِكم، يا عبادِي؛ كُلُّكم جائعٌ إلاَّ من أطعمتُه، فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي؛ كلُّكم عارٍ إلاَّ من كَسوتُهُ، فاستكسوني أكسكُم...: هذا يقتضي أنَّ جميعَ الخلق مُفتقرون إلى الله تعالى في جلب مصالحهم، ودفع مضارِّهم في أمور دينهم ودُنياهم، وإنَّ العباد لا يملِكُون لأنفسهم شيئاً مِنْ ذلك كلِّه، وفي الحديث دليلٌ على أنَّ اللهَ يحبُّ أنْ يسأله العبادُ جميعَ مصالح دينهم ودنياهم، مِنَ الطَّعام والشراب والكسوة وغير ذلك، كما يسألونه الهداية والمغفرة، وفي الحديث: "ليسأل أحدُكم ربَّه حاجته كلَّها حتى يسأله شِسعَ نعله إذا انقطع" وكان بعضُ السَّلف يسأل الله في صلاته كلَّ حوائجه حتّى ملحَ عجينه وعلفَ شاته، وفي الإسرائيليات: أنَّ موسى ـ عليه السلام ـ قال: يا ربِّ؛ إنَّه لتَعْرِضُ لي الحاجةُ من الدنيا، فأستحيي أنْ أسألك، قال: سلني حتى ملح عجينك وعلف حمارك. فإنَّ كلَّ ما يحتاج العبد إليه إذا سأله من الله فقد أظهرَ حاجتَه فيه، وافتقاره إلى الله، وذلك يحبُّه الله، وكان بعضُ السَّلف يستحيي من الله أنْ يسأله شيئاً من مصالح الدنيا، والاقتداءُ بالسُّنَّة أولى. انتهى.

فاقرع باب ربك، وتملقه، وسله، وارج فضله، فإنه جواد كريم.

وراجع للفائدة الفتوى رقم: 241705، بعنوان أسباب حصول الرزق.

وراجع الفتويين التالية أرقامهما: 211054، 197019، بخصوص كيفية التخلص من ذنب يداوم عليه العبد.
وراجع للفائدة الفتويين التالية أرقامهما: 61553، 272113، حول: الوقوع في الذنب بعد التوبة منه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني