الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

اتفقت مع سمسار ليبيعني بيتًا للورثة، وبعد فترة أخبرني بوجود زبون، ولكنه لم يجمعني به ولم أتقابل مع هذا الزبون أمام السمسار مطلقًا، لا في مكتب السمسار، ولا في البيت موضوع البيع.
وطلب مني نسخة من أوراق البيت ليطلع عليها الزبون، فأرسلتها إليه دون أن أقابله أو أقابل زبونه.
ثم بعد فترة اتصل بي جار لي، وأخبرني بأن صهره يرغب في شراء البيت، ولم يخبرني الجار ولا صهره بأمر السمسار في البداية، واتفقنا وتم البيع.
بعد فترة اتصل بي السمسار، وطالبني بعمولة البيع، فسألت المشتري، فأنكر دور السمسار في البيع، وأخبرتني زوجته بأن أختي هي من أعلمتهم بالموضوع.
لقد قمنا بعرض البيت للبيع من فترة طويلة، وأصبح لدى الجميع علم بذلك، وقد يكون الجار سمع بالأمر من أطراف أخرى، فاتصل بي، ولكن السمسار يصر على موقفه.
البيت ليس ملكي، ولكن يوجد ورثة من ضمنهم أطفال قصر أيتام، وأرامل.
للأمانة أنا أشعر وشبه متأكد بأن السمسار على حق، ولكن تنقصني الحجة والدليل حتى لا أفرط في حقوق الورثة.
فكل الذي حدث كان ضد السمسار وليس في صالحه:
أولًا: عدم معرفتي من البداية هوية الزبون الذي أخبرني عنه.
ثانيًا: نكران المشتري معرفة السمسار بأمر البيع مطلقًا.
ثالثًا: شهادة زوجة المشتري بأن أختي هي مصدر خبر رغبتنا في بيع البيت.
رابعًا: كون العقار معروضًا للبيع في المنطقة منذ فترة طويلة.
أنا مذبذب بين الطرفين، ولكني أريد أن أبرئ ذمتي.
لا أستطيع تحمل مبلغ العمولة بمفردي، ولكن أخاف إن عرضت عليه مبلغًا أقل -كإرضاء له من حسابي- أن يثبت علي الحق، ويرفض استلام المبلغ ناقصًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإذا كان المشتري لم يأت عن طريق السمسار، بل ينكر معرفته، فلا يستحق السمسار شيئًا؛ لأنه إنما يستحق العمولة بالعمل، ولم يكن منه عمل في المعاملة بينك وبين جارك؛ جاء في كشاف القناع: فمن فعله -أي: العمل المسمى عليه الجعل (والسمسرة داخلة في الجعالة)- بعد أن بلغه الجعل، استحقه. انتهى.

وهنا لم يكن له في المعاملة عمل. وإذا كان يدعي كونه هو من دل الجار عليك وسعى في إقناعه بالأرض، والجار ينكر، ولا بينة على صدق دعواه، فهنا إن صدقته في كونه هو من دل الجار عليك، فعليك بذل العمولة إليه في نصيبك دون نصيب الصغار وباقي الورثة؛ إذ لا يصح إقرارك عليهم، ولا على باقي الورثة على الصحيح؛ لأنه إقرار على الغير فهو غير مقبول، لكون الإقرار حجة قاصرة على المقر لا تتعداه إلى غيره؛ قال ابن قدامة في المغني: (لأنه إقرار على الغير، فلم يقبل، كالأجنبي). وجاء في مطالب أولى النهى في شرح غاية المنتهى: (ولا يصح إقراره)؛ أي: الولي (عليه)؛ أي: على من وليه بمال، ولا إتلاف، ونحوه؛ لأنه إقرار على الغير).

ومسائل النزاع ترفع للقضاء الشرعي إن وجد، وإلا فيشافه أهل العلم بها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني