الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

الإخوة الكرام في موقع مركز الفتاوى جزاكم الله خيرا.
تحية طيبة وبعد:
ما حكم تعليق طلاق زوجتي على شرط بنية الطلاق طبعا إذا فعلت الشرط، وهل يجوز لي التراجع عن الطلاق المعلق على شرط؟ مع العلم بأنني علقت طلاقها على شرط ثلاث مرات وفي الثلاث مرات تراجعت أنا عن الشرط، غير أنني في الشرط الأخير عندما تراجعت كنت أشعر بيني وبين نفسي أنني لو عملت هذا الشرط ستكون طالقا؛ حيث أنني علقت طلاقها على جماعها والإيلاج فيها، أي أنني لن أقوم بإيلاج عضوي الذكري فيها وإن فعلت ذلك فهي طالق، وبعد شهور قمت بمجامعتها والإيلاج فيها ظانا أن إيلاجي فيها أوقع الطلاق؛ لأنني عندما قمت بالإيلاج لم أنو بذلك التراجع لأنني كنت أعتقد أن مذهب ابن تيمية يقول بأن الطلاق المعلق على شرط إذا كانت نيته الطلاق يقع، فهل يعتبر إيلاجي فيها تراجعا عن الشرط ولا يقع الطلاق أم لا؟
كذلك أغضبتني زوجتي يوما بقولها (إنها تعرف أمرا عني سمعته من أهلي ولا تريد أن تقوله لي لكي تستفزني وتثير غضبي) وفعلا من شدة غضبي قلت لها معك دقيقتين فقط إذا لم تقولي فأنت طالق ونظرت إلى ساعة شاشة الجوال فوجدتها مثلا 7:25 وانتظرت أن تخبرني فلم تخبرني وبعد وهلة ضغطت على شاشة الجوال لأرى كم أصبحت الساعة فوجدتها 7:27 دقيقة وهي لم تقل بعد، فهل وقع طلاق في هذه الحالة، مع أنني استغربت كيف مرت هاتين الدقيقتين بهذه السرعة الفائقة، وعندي شك أن الدقيقتين لم تمرا كاملتين، وأعتقد أنني عندما قلت لها ذلك أن وقت الدقيقة الأولى كان قد مر؛ لأن الساعة على شاشة الجوال لا توضح الثواني والوقت المتبقي، ولكنني متأكد من أن الوقت كان عندما فتحت شاشة الجوال 07:27 أي حسب الشاشة انتهى الوقت، ولكن فعليا أشك بأن الدقيقتين لم تمرا كاملتين، وعندما رأيت الساعة على الجوال انفعلت جدا فقمت وضربت زوجتي ضربا مبرحا بسبب خوفي من وقوع الطلاق، وكنت أطلب منها أن تتكلم وهي لا تتكلم وأخيرا بعد دقائق تكلمت، وقالت بعد ذلك لي أنها قالت لي قبل نفاذ الوقت مع أنها كانت قريبة جدا مني وأنا متأكد أنني لم أسمعها تقول أي شيء.
كذلك أتذكر أنني قد قلت لزوجتي في أحد المرات أنت طالق بنية الطلاق بسبب لسانها السليط، فهل يجوز لي أن آخذ برأي ابن تيمية مع أنكم تذكرون أن إجماع العلماء يقول بوقوع طلاق المعلق إن حدث ما علق عليه سواء تراجع أو لم يتراجع، مع العلم أن المفتي في قطاع غزة يأخذ برأي ابن تيمية تيسيرا، أيضا بعدما ذكرت ما ذكرت فهل زوجتي أصبحت طالقا مني (بائن بينونة كبرى أم لا)؟
بارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالمفتى به عندنا أن الزوج إذا علّق طلاق امرأته على شرط لم يملك التراجع عنه، وإذا تحقق شرطه طلقت زوجته، وهذا قول أكثر أهل العلم، لكنّ بعض العلماء كشيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله يرى أن من قصد إيقاع الطلاق عند حصول المعلق عليه فله أن يتراجع عن التعليق ولا شيء عليه، وإذا لم يقصد إيقاع الطلاق وإنما قصد بالتعليق التهديد أو التأكيد أو المنع فلا يقع الطلاق بحصول المعلق عليه وإنما تلزمه كفارة يمين لحنثه، وانظر الفتوى رقم: 161221.
وبخصوص الطلاق الذي علقته على جماع امرأتك فقد وقع بجماعك لها، ولا يعتبر الجماع تراجعاً عن الشرط، لكن إذا كان الطلاق دون الثلاث فيصح أن تكون بقية الجماع رجعة، جاء في الشرح الكبير للشيخ الدردير: أو قال: ...إن وطئتك فأنت طالق فمُولٍ، ويباح له وطؤها ويحنث بمجرد مغيب الحشفة، وقيل: ولو ببعضها بناء على التحنيث بالبعض فالنزع حرام، والمخلص له من ذلك ما أشار له بقوله ونوى وجوبا ببقية وطئه أو بالنزع الرجعة.
والظاهر ـ والله أعلم ـ وقوع الطلقة التي علقتها على عدم إخبارك بالأمر خلال دقيقتين، لأنّك لم تسمعها وحيث اختلفتما في هذا الأمر فالقول قولك، ففي اللباب في شرح الكتاب (فقه حنفي): وإذا اختلفا في وجود الشرط فالقول قول الزوج فيه.
وأما قولك لامرأتك: أنت طالق فهو صريح يقع به الطلاق ولو لم تنوه.

وعليه؛ فالظاهر لنا أنّك أوقعت ثلاث تطليقات وبانت منك امرأتك بينونة كبرى، لكن الذي ننصحك به أن تعرض مسألتك على من تمكنك مشافهته من أهل العلم الموثوق بعلمهم وورعهم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني