الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

عمري ١٩ عامًا، ولي عم يكبرني بـ ١٣ عامًا، وقد استغل انشغال أمه بالوضوء ونومي وفتح كيس نقود أخيه، فسمعت صوت الكيس وأنا نائم ولم أتحرك، ثم بعد ذلك أدخل الكيس بسرعة قبل قدوم أمه، وقد غلب على ظني أنه أخذ أموالًا لسرعته في إرجاع الكيس لمكانه، ولسماعي صوت احتكاك أوراق النقود الورقية، بوقت الحدث صعقت للحظة، والآن أنا أعي تمامًا أنه لن يرضى بقبول أن يواجهه أحد أو ينصحه، فمن معاشرتي له عهدته يعشق -غالبًا- الظهور بالمثالية، أو على الأقل بحسن المظهر، وإن اضطر للكذب أحيانا أو الخداع، وسيبغض ظهور نفسه بمظهر سيء أمام أي أحد من العائلة، ويتأكد الأمر بالطبع إن كان أصغر منه.
المهم هنا: أنه لعدم وجود دليل قاطع لن يأخذ كلامي في الموضوع بالقبول أبدًا، وقد مر على فعلته تلك ما يقارب الشهر.
المشكلة: صاحب المال يُسرق، ولا يعرف أن أمواله قد يؤخذ منها؛ لأنه لا يعُدّ ويحسب النقود قبل تركها، لاعتقاده أنها ستكون بأمان.
ومن خلال تصفحي لموقعكم فهمت أنه يجب الستر، ونصح المذنب أولًا، وتذكيره بالله، وحثه مرات، فإن تاب وأرجع المال ولو بطريقة غير مباشرة، واستسمح صاحبه بشكل عام، واستغفر، وندم، وتاب، فجيد، وهذا المطلوب.
أما إن لم يتب جاز هنا إخبار صاحب المال بما يحدث لنقوده، أو إخبار من له سلطة؛ ليغير مكان المال إن استطاع، وحدوث ذلك متلازم بإظهار ما يفعل السارق تحذيرًا منه.
سؤالي: هل يصح إخبار والدته بحيث أجعلها أولا تحلف بحفظ السر، وكتمان الأمر، ثم بعد إخبارها أطلب منها إيجاد طريقة لتحتاط وتستطيع حفظ مال المسروق منه مستقبلًا؟ فالفائدة إن أقدمت عل هذا الفعل هي: صيانة المال ليصبح في وقت سريع وقريب بأمان، لكن في المقابل هناك أضرار ومفاسد قد تكون كبيرة قليلًا، وهي:
الأول: ستصدم والدته بشدة، وسيخيب أملها؛ لاعتقادها من ظاهره مثلي أنه علي خير ودين، وقد لا تستطيع هي تحمل إمساك لسانها عن مواجهته ومهاجمته، لذا سأحاول إقناعها بأن نكتم السر.
الثاني: إن سكتنا فلن يواجهه أحد، وكما قلت آنفا قلما أن لا يكابر وينكر.
الثالث: يترتب أيضًا عدم تغير خصلة السرقة لديه، والمصيبة أنه ليس جاهلًا بالوعيد أو الإثم الذي يلحق من يرتكب ذلك الفعل المشين.
الرابع: لن نستطيع إرجاع المال لصاحبه بسبب الكبر الذي لدى السارق في مثل هذه المواقف، وعدم وجود دليل قاطع كإمساكه متلبسًا؛ فأنا عندما استيقظت بسببه لم أتحرك، وظللت مغمضًا عيني كأني نائم.
الآن مر ما يقارب الشهر على السرقة، والوقت يجري، وكيس النقود في خطر، وتغيير مكانه بدون سبب شيء يتعذر، وإخبار صاحب المال بالسرقة سيؤدي لمفسدة كبيرة، وقد يولد كرهًا بينهم كإخوه، فالمسروق -وهو أكبر من السارق بفارق عمر كبير- يغضب جدا في أمور؛ كعدم احترامه، أو إهانته، أو الغدر به، أو ما شابه ذلك، وسيتهجم بعنف حديث، وقد يأخذ موقفًا صعبًا تجاه أخيه يستمر مدى الحياة.
فبماذا تنصحون إخوتي في هذه المشكلة؟ فحال الأشخاص ربي يعلم كما ذكرت بالضبط بدون مبالغة!
أتمني تعجيل الإجابة؛ فالأمر خطير، وقد تتكرر السرقة بغيابي، ولجهلي بالتصرف الحكيم العادل حتى هذه اللحظة أشعر بالضيق، وبمسؤولية على عاتقي، وأخاف أن يكون عليّ ذنب في تأخير التصرف!
أسأل الله أن لا يقع أحد في حيرة من أمره، وأصلح الله حالنا وحالكم، وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فليس لك اتهام عمك بالسرقة؛ لأنك لم تره يسرق، وربما عدّ هذه النقود، أو أراد أن يأخذ ولم يفعل، وقد قدمنا بالفتوى رقم: 74733 شروط الشهادة، وأنها لا تصح بغلبة الظن.

والذي ينبغي فعله: أن تحض عمك الآخر على حفظ ماله بطريقة لا تسبب المشاكل، واتهام أحد من أفراد الأسرة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني