الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تتبع رخص المذاهب، واتباع الهوى في الأخذ بقول الجمهور

السؤال

هل النهي عن تتبع رخص المذاهب مكروه أم حرام؟ وما حكم اتباع الهوى في الأخذ بالقول الأيسر، إذا كان هو رأي الجمهور، أو القول الراجح، أو حتى اتباع الهوى في الأخذ بالقول الأشد إذا كان أيضًا هو القول الراجح، أو قول الجمهور؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فقد نص أهل العلم على تحريم تتبع العامي الرخص، بحيث يكون ديدنه ذلك، وكلما وجد رخصة في مذهب من المذاهب عمل بها، ولا يعمل بغيرها في ذلك المذهب، قال المرداوي الحنبلي في كتابه التحبير شرح التحرير: وَلَا يجوز للعامي تتبع الرُّخص، وَحكي إِجْمَاعًا، وَخَالف ابْن هُبَيْرَة، ويفسق عِنْد أَحْمد، وَغَيره، ثم قال: وَهُوَ: أَنه كلما وجد رخصَة فِي مَذْهَب عمل بهَا، وَلَا يعْمل بغَيْرهَا فِي ذَلِك الْمَذْهَب، بل هَذِه الفعلة زندقة من فاعلها... اهـ مختصرًا.
وأما اتباع الهوى في الأخذ بقول الجمهور، أو بالقول الراجح إذا كان هو الأيسر، أو الأشد: فاعلم أن اتباع الهوى مذموم شرعًا، ومتى علم أن أحد القولين هو الراجح، لزمه الأخذ به، إن كان هو الأشد، ولا يتبع القول الأيسر، وإن علم أن الأيسر هو الراجح، جاز له الأخذ به، والأولى الأخذ بالأشد.

وأما إن لم يعلم الراجح، ومال هواه لقول الجمهور: فقد ذهب بعض أهل العلم أن له الأخذ بقول الأكثر، قال عليش المالكي في كتابه فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك: وَالْحَقُّ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْمُقَلِّدَ إمَّا:

1ـ أَنْ لَا يَطَّلِعَ عَلَى أَرْجَحِيَّةِ الْأَشَدِّ، وَالْأَخَفِّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ.

2ـ أَوْ يَطَّلِعَ.

فَإِنْ لَمْ يَطَّلِعْ، فَالْحُكْمُ مَا مَرَّ مِنْ التَّخْيِيرِ، أَوْ التَّرْجِيحِ بِالْأَعْلَمِ، أَوْ بِالْأَكْثَرِ، أَوْ بِالْأَشَدِّ، وَالْأَثْقَلِ، وَإِنْ اطَّلَعَ عَلَى أَرْجَحِيَّةِ أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، أَوْ الْأَقْوَالِ فَلَا يَخْلُو، إمَّا أَنْ يَكُونَ فِي جَانِبِ الْأَخَفِّ، أَوْ فِي جَانِبِ الْأَثْقَلِ، فَإِنْ كَانَتْ فِي جَانِبِ الْأَشَدِّ، وَالْأَثْقَلِ، وَجَبَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ بِهِ؛ لِوُجُوبِ الْعَمَلِ بِالرَّاجِحِ إلَّا لِعَارِضٍ مُعْتَبَرٍ شَرْعًا، خِلَافًا لِعِزِّ الدِّينِ، وَإِنْ كَانَتْ فِي جَانِبِ الْأَخَفِّ جَازَ لَهُ الْعَمَلُ بِهِ، وَالْأَوْلَى ارْتِكَابُ الْأَشَدِّ؛ لِأَنَّهُ أَحْوَطُ، وَأَبْرَأُ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ. اهـ.

وقد سبق أن بينا حكم تتبع الرخص، والفرق بينه وبين الأخذ بالأيسر، وضابط جواز ذلك في عدة فتاوى بما يغني عن الإعادة هنا، فانظر الفتوى رقم: 170931، عن الفرق بين تتبع الرخص والأخذ بالأيسر، والفتوى رقم: 134759 بعنوان: تتبع الرخص.. رؤية شرعية ـ والفتوى رقم: 140418، عن حكم تتبع الرخص الشرعية والفقهية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني