الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الرجوع عن العفو.. رؤية شرعية أخلاقية

السؤال

بعض الأشخاص ظلموني، ولكني عفوت عنهم بالقلب واللسان بظاهر الغيب، ولم يعتذروا لي، ولم يطلبوا العفو مني أصلًا، ثم ظهر لي أن أتراجع عن العفو، وأقتص منهم يوم القيامة، فهل يجوز لي ذلك؟
وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فالعفو عن الناس من الأعمال الصالحة التي يثاب عليها العبد، كما قال تعالى: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى: 40]. قال الشوكاني في فتح القدير: أي: من عفا عمن ظلمه، وأصلح بالعفو بينه وبين ظالمه، أي: أن الله سبحانه يأجره على ذلك، وأبهم الأجر تعظيمًا لشأنه، وتنبيهًا على جلالته. قال مقاتل: فكان العفو من الأعمال الصالحة ... اهـ.
والرجوع عنه رجوع عن العمل الصالح، والذي يظهر من كلام أهل العلم أن من عفا عمن ظلمه لم يكن له الرجوع بعد العفو، وقد بوب البخاري في صحيحه بابًا فقال: "بَاب إِذَا حَلَّلَهُ مِنْ ظُلْمِهِ فَلَا رُجُوعَ فِيهِ". وجاء في فيض الباري شرح البخاري للكشميري الهندي المتوفى سنة 1353 هـ في شرح حديث البخاري: "مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لأَحَدٍ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَىْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ، قَبْلَ أَنْ لاَ يَكُونَ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ ..." قال: إذا حَلَّله فليس له رجوعٌ، ليس بمالٍ يُمْكِنَ الرجوعُ عنه. اهـ.
وقال في باب: "إِذَا حَلَّلَهُ مِنْ ظُلْمِهِ فَلَا رُجُوعَ فِيهِ": وهذه حقوقٌ، وهي أوصافٌ، ولا رجوعَ بعد السُّقوط. اهـ.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني