الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أرسل الله رسلا خارج منطقة الشرق الأوسط؟

السؤال

من فضلكم، أرجو إجابات شافية عن هذا السؤال.
أعلم أن الأنبياء عددهم كبير جدا، لكن الذين ذكروا في القرآن هم خمسة وعشرون فقط.
فهل يمكن أن يكون الله -سبحانه وتعالى- قد أرسل أنبياء إلى سكان أمريكا الجنوبية، وأستراليا مثلا؟
وإذا كان إبراهيم عليه السلام أبا الأنبياء.
فهل ذلك لأن كل الأنبياء الذين جاءوا من بعده، كانوا من ذريته، أم كثير منهم فقط؟
وإذا كانوا كلهم من ذريته. فهل معنى ذلك أنه من بعد إبراهيم، لم يرسل الله أنبياء خارج منطقة الشرق الأوسط المعروفة؟
ولقد قرأت أن لوطا عليه السلام، هو ابن أخي إبراهيم، وهذا يعني أنه ليس من ذريته. لكن الآيات الكريمة 84 و85 و86 من سورة الأنعام تقول إنه من ذريته.
فما تفسير ذلك؟
أرجو الإفادة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن الله تعالى ما خلق أمة من الأمم إلا وأرسل إليهم من يدلهم عليه سبحانه، ويبين لهم هدى الله، قال تعالى: وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ [الرعد:7].
وقال تعالى: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً {النحل:36} وقال تعالى: وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلَا فِيهَا نَذِيرٌ {فاطر:24}

قال ابن كثير: أي وما من أمة خلت من بني آدم، إلا وقد بعث الله تعالى إليهم النذر. انتهى.
وأما عن أمريكا، وأستراليا: فلم نقف على نص بشأنهم في كتاب، ولا سنة، ولم نقف كذلك على من قصر الأنبياء على منطقة الشرق الأوسط، ولا ندري هل كان هناك سكان في العهد الأول بتلك البلاد أم لا؟

وأما إبراهيم عليه السلام: فإنه يكنى بأبي الأنبياء؛ لأن الأنبياء الذين جاءوا بعده من ذريته، وكل الأنبياء المذكورين في القرآن الكريم من ذريته إلا ثمانية، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 57533.

وأما لوط فهو ابن أخي إبراهيم الخليل عليه السلام.

وأما قوله تعالى في سورة الأنعام: وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ {الأنعام:84}، فقد اختلف في الضمير هل هو راجع لنوح، أو لإبراهيم، والراجح رجوعه لنوح.

فقد جاء في تفسير القرطبي: (ومن ذريته) أي ذرية إبراهيم. وقيل: من ذرية نوح. قاله الفراء، واختاره الطبري، وغير واحد من المفسرين كالقشيري، وابن عطية وغيرهما. والأول قاله الزجاج، واعترض بأنه عد من هذه الذرية يونس، ولوط وما كانا من ذرية إبراهيم. وكان لوط ابن أخيه. وقيل: ابن أخته. وقال ابن عباس: هؤلاء الأنبياء جميعا مضافون إلى ذرية إبراهيم، وإن كان فيهم من لم تلحقه ولادة من جهته من جهة أب ولا أم؛ لأن لوطا ابن أخي إبراهيم. والعرب تجعل العم أبا، كما أخبر الله عن ولد يعقوب أنهم قالوا: "نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق". وإسماعيل عم يعقوب. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني