الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المقصود بعدم قبول عبادة شارب الخمر

السؤال

أبي يشرب الخمر وهو يحاول جاهداً أن يبتعد عنه فيقوم بالصيام ولكنه يعود للشرب بعدها وأنا لا أستطيع نصحه لأنه سيغير من معاملته لي بعدها ويعتبرني عاصية لأوامره والسؤال هل تتقبل أعماله وصيامه تلك الفترة؟ جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فلا شك أن شرب الخمر من المنكرات الكبيرة والذنوب العظيمة، فقد قال الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ [المائدة:90، 91].
وقد وردت أحاديث كثيرة في تحريم الخمر وذمها وذم شاربها.
ولهذا يجب على من ابتلي بهذا الذنب العظيم أن يقلع عنه، وأن يبادر بالتوبة إلى الله تعالى، وأن يكثر من أنواع الطاعات.
وعليك - أيتها السائلة الكريمة - أن تنصحي أباك برفق ولين، وتسرّبي إليه ما استطعت من المعلومات - ولو بطريق غير مباشر - في ذم الخمر وتحريمها وخطر الإدمان عليها وعقوبة صاحبها في الدنيا والآخرة.
واستعيني عليه بزوجته وأصدقائه من الأقارب لعل الله تعالى أن ينفعه بكلمة من أحدهم فيقلع عن أم الخبائث، وتكوني قد أبرأت ذمتك وأديت واجبك من النصح لأبيك.
وأما قبول عبادة مدمن الخمر فالظاهر أنها لا تقبل منه ما دام مصراً على شرب الخمر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين صباحاً، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد لم يقبل الله صلاته أربعين صباحاً، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحاً، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد في الرابعة لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحاً، فإن تاب لم يتب الله عليه وسقاه من نهر الخبال. أي صديد أهل النار. رواه الترمذي وأبو داود والنسائي.
فإذا كانت صلاته لا تقبل فإن غيرها من العبادات أحرى ألا يُقبل.
قال المناوي: خصت الصلاة لأنها أفضل عبادات البدن، والأربعين لأن الخمر يبقى أثرها في العروق والجسم في تلك المدة.
وقال صاحب تحفة الأحوذي: وقيل: إنما خص الصلاة بالذكر لأنها أفضل عبادات البدن، فإذا لم تقبل فلأن لا يقبل منها عبادة أصلاً كان أولى.
والمقصود بعدم القبول هنا عدم الإثابة عليها وإن كان ملزماً بها، ويأثم على تركها، وإذا أداها سقطت عنه المطالبة بها.
ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 1108.
نسأل الله للجيمع الهداية والتوفيق والسداد.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني