الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التحذير من تتبع شبهات أهل الضلال

السؤال

أنا صاحب الفتوى رقم: 2548190، وقد طلبتم مني توضيح السؤال، ولقد لبيت النداء؛ سأنقل لكم باختصار شديد، وأريد الرد منكم بأسرع وقت -إن شاء الله تعالى-:
هناك ملاحدة على تويتر -والعياذ بالله- يطلقون على ضعفاء الإيمان والعقل عدة شبه؛ لكي يقولوا: إن القرآن محرف، وفيه أخطاء.
وقبل سرد الشبه التي يطرحونها أقول: إني موقن من قلبي أن القرآن الكريم كلام الله، وغير محرف؛ لقوله تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)، وليس فيه تعارض؛ لقوله تعالى (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا)، ولو جاء أهل الأرض كلهم وقالوا لي: إنه محرف. أو: فيه تعارض. أقول لهم: كذبتم، وصدق الله العظيم.
الشبه التي يطرحها هؤلاء الملحدون هي كالتالي -وإني بريء مما يفترون، وتعالى الله عما يقولون، وناقل الكفر ليسه بكافر-:
يقولون: لماذا الله لم ينزل القرآن بلغة يفهمها كل إنسان، بل أنزله بلغة قريش؟
الشبهة الثانية: أن المسلمين يقولون إن القردة والخنازير انقطع نسلها، وهناك حديث صحيح في قصة الضب يقول: لا أدري لعله من القرون التي مسخت. الشبهة الثالثة: عندما أمر الله إبليس بالخروج من الجنة قال له: (فاخرج منها فإنك من الصاغرين). وقال لآدم: (ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين). وفجأة! عاد الشيطان بعد أن طرد منها (فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه).
الشبهة الرابعة: قال تعالى: (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه) فهذا يحتمل ثلاثة أوجه: الوجه الأول: أن يكون إبليس من الملائكة، ورفضه للسجود يتناقض مع قوله تعالى: (لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ). الوجه الثاني: أن الخطاب لم يكن موجها لإبليس، لذلك الله سبحانه وتعالى ظلمه. الوجه الثالث: إن القرآن بشري، والناسخ لم ينتبه لهذا الخطأ.
أعوذ بالله، عندما أكتب الشبه أتألم كثيرا.
الشبهة الخامسة: آية التوريث؛ يقولون: هناك خطأ جسيم، وهو رجل توفي وترك أربع بنات وزوجته ووالديه، سيتم توزيع التركة حسب القرآن ستظهر النتيجة أكثر من التركة، يعني أكثر من التركة، لماذا لا يقسم الله ظهر من يسبه، ويسب نبيه، ويقتل المسلمين، ويسلخ جلودهم، كما يحصل في بورما وغيرها.
اختلاف مصحف عثمان، ومصحف ابن عباس؛ مثل قوله تعالى في مصحف عثمان: اهدنا الصراط المستقيم. وفي مصحف ابن عباس: اهدنا السراط المستقيم.
قال الله في آية أنه خلق الدنيا في ستة أيام، وفي آية أخرى يومين، وفي آية أخرى أربعة أيام.
كيف يخاف إبليس من عمر، ولا يخاف من الله عندما أمره بالسجود لآدم، ويقولون أيضا: إن الله قال (ما من دابة على الارض إلا على الله رزقها) ومع هذا فهناك الملايين يموتون جوعا، ومنهم مسلمون.
يقولون: إن الله قال: (ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما). ثم يقول: (اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا). كيف أصم أن يسمع الأمر، ولو سمع فكيف سيقرأ كتابه وهو أعمى.
يقولون: إن الله سبحانه وتعالى قال: (يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها). عن ابن عباس كان يقرأ (تستأنسوا) ويقول: أخطأ الكاتب. رواه سعيد بن جبير. المحدث: ابن حجر العسقلاني. المصدر: فتح الباري لابن حجر. الصفحة والرقم ١١ /١٠ ثم يقول من كتب هذه الشبهة: كان يجب أن تكتب تستأذنوا.
أكتفي بهذا الحد، وإني بريء أمام الله من كل من يقرأ رسالتي ويصيبه شك أو ريب ولو ذرة واحدة، وهناك مسألة: أني عندما كتبت: تعالى الله. وكتبت: أم المؤمنين. هذا من عندي، هم لا يقولون هذا، بل يسبون، ويظنون أن الله إذا أخر عذابهم أنه لا يقدر عليهم، تعالى الله عما يقولون، وهناك تقصير جدا من العلماء في الرد على من لا يدين بملة التوحيد، مع أنه جهاد عظيم، وفي الختام أنتظر ردكم -إن شاء الله-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد أُرسل إليك بخصوص سؤالك ( 2548190 ) بطلب أن تبعث سؤالًا واحدًا لا أكثر، فقمت بإعادة كتابة السؤال نفسه وزدت عليه! فنعيد إليك الطلب بالالتزام بما طلب منك.

وأمر آخر: وهو أن اختصاص مركز الفتوى هو في إسعاف السائلين بالعلم الشرعي، فيما يحتاجون إليه، وأما تلقف شبهات الملاحدة وغيرهم، وتتبعها والجواب عنها، فليس من اختصاص الموقع.

ونوصيك بالاشتغال بطلب العلم بمنهجية صحيحة، وأن تحترس من مغبة تتبع الشبهات وتفقرها؛ فإن ذلك قد يودي بإيمان العبد، فالحذر الحذر، والمؤمن ينأى بنفسه عن سماع شبهات أهل الأهواء إلا لضرورة؛ فإن القلوب ضعيفة، ورب شبهة يسمعها الرجل فلا يملك إخراجها عن قلبه، فيهلك بها، وقد كان أئمة السلف مع سعة علمهم وعظيم ديانتهم، يعرضون عن سماع الشبهات، قال معمر -في جامعه-: كنت عند ابن طاووس وعنده ابن له، إذ أتاه رجل يقال له: صالح. يتكلم في القدر، فتكلم بشيء، فتنبه، فأدخل ابن طاووس إصبعيه في أذنيه، وقال لابنه: أدخل أصابعك في أذنيك واشدد، فلا تسمع من قوله شيئًا، فإن القلب ضعيف. اهـ. وقال الإمام الذهبي في تعليقه على مثل هذا الأثر: أكثر أئمة السلف على هذا التحذير، يرون أن القلوب ضعيفة، والشبه خطافة. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني