الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف يصلي من يخرج منه الريح كلما سجد

السؤال

عليَّ صلوات فائتة يجب أن أقضيها، وأعلم أنني قد ارتكبت ذنباً عظيماً، وقد قرأت في موقعكم أن من ضيع صلاة واحدة عمداً فهو شر العصاة، وأعلم أنني الآن شر العصاة وأفسق الفساق، وشر من السارق والزاني وقاتل النفس حتى كدت أن أيأس من نفسي ومن التوبة، لكنني ندمت، والله ندمت، وأرجو من الله أن يسامحني، وقد تعبت جداً، فأنا لم أَضيع هذه الصلاة، لأنني أكرهها، والله إني أحب الصلاة، بل وأشتهي صلاة واحدة بخشوع واطمئنان، كم أغبط الناس عندما أراهم يصلون مطمئنين، إن بداية مشكلتي هي الوسواس القهري، فقد أًصبت بوسواس حاد في الطهارة، ثم والفضل لله شفيت منه بعد عناء شديد قرابة السنتين، لكن البعض من آثاره متبقية معي، فعندما أريد أن أًصلي أتوتر كثيرا وأقلق، وأخاف أن ينتقض وضوئي، ولا أستطيع الصلاة، حيث أعاني من غازات شديدة تلحقني خاصة عند السجود، حتى أعجز عن الصلاة، وبعض الصلوات التي ضيعتها كانت عند وفاة جدي حيث البيت مزدحم، ولا أستطيع أن أعيد الوضوء مرات كثيرة، حاولت جداً وبمجرد أن أسجد ينتقض وضوئي حتى يئست، ثم جاءتني الدورة الشهرية على غير عادتها، فقد كانت منتظمة 7 أو 8 أيام ثم أطهر بالجفوف، ولكن في هذه المرة بعد 6 أو 7 أيام طهرت بالجفوف، واغتسلت وحاولت الصلاة فلم أستطع بسبب الغازات، ثم عاودني الدم بعد يوم أو أقل وهكذا بقيت متقطعة لأكثر من أسبوع، وبالنسبة للدورة فأمرها يسير بإذن الله، حيث قرأت في موقعكم أن الدم مادام في زمن الإمكان 15 يوماً فهو حيض متى ما رأيته أدع الصلاة، ومتى ذهب أغتسل وأصلي، والآن صار لي حوالي الأسبوع أو أكثر وأن أحاول أن أقضي الصلوات التي علي، فلم أستطع، فكلما أسجد ينتقض وضوئي. حتى أصبحت الصلاة أمرا عسيرا جداً لا أستطيعه، واستطعت أن أقضي قليلا منها فقط. حتى الصلوات الحاضرة تضيع علي أحيانا بسبب الغازات، بدأت أحاول التخلص منها بالمشي والرياضة وشرب الماء والبابونج وعدم النوم بعد الأكل مباشرة، والكثير من العادات الصحية أحاول أن أقوم بها، وإلى الآن لم تذهب، وهذه الغازات لا أعلم لها وقتا معينا تذهب فيه، فهي غالباً تأتيني في السجود، فهل لي أن أقضي هذه الصلوات بالإيماء في السجود؟ والصلاة الحاضرة عندما تشتد عليَّ الغازات، فهل لي أن أصليها أيضاً بالإيماء؟ أكرر الوضوء كثيراً لعل وعسى أن تذهب الغازات في إحدى المرات، وأخاف أن تكون هناك فرصة ما للصلاة بدون إيماء وبدون غازات يعني لا أعلم أني إن توضأت هذه المرة ستخرج مني غازات أولا، لأنها عادة تأتي في السجود. وهذا يُتعبني جداً. فهل أضع حداً معينا مثل أن أكرر الوضوء 3 مرات إن استمرت الغازات وأصلي بالإيماء؟ وعندما أقرأ أن الله لم يجعل علينا من حرج، ولم يكلفنا ما لا طاقة لنا به، أحس أن هذه المعاناة فوق طاقتي، ونفسيتي مدمرة جداً، وكل حياتي قد تعطلت، وأخاف أن ألقى الله بهذه الذنوب العظيمة، لقد كنت أطمح لأن أنال الدرجات العلا عند الله، لكنني الآن أشعر أنني ولا شيء.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله لك الشفاء والعافية، ثم اعلمي أن هذه الوساوس لا علاج لها إلا الإعراض عنها وعدم الالتفات إليها، فإن كان شعورك بخروج هذه الغازات مجرد شك، فلا تعيريه اهتماما، ولا تبالي به، واستمري في صلاتك جازمة أنها صلاة مقبولة ـ إن شاء الله ـ

وأما ما ضيعته من صلوات: فمادمت قد تبت من ذلك، فإن التوبة تمحو ما قبلها من الإثم، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، ولا حرج عليك في العمل بقول من يرى عدم وجوب قضاء هذه الصلوات، فإن للموسوس أن يترخص بأيسر الأقوال وأخفها عليه رفعا للحرج، وانظري الفتوى رقم: 181305.

وإذا كنت جازمة جزما أكيدا ومتيقنة يقينا تاما تستطيعين أن تحلفي عليه أنه تخرج منك هذه الغازات في حال السجود فإنك تسجدين ولا تومئين بالسجود، وحكمك ـ والحال هذه ـ حكم صاحب السلس، فتتوضئين لكل صلاة بعد دخول وقتها، وتصلين بهذا الوضوء الفرض وما شئت من النوافل حتى يخرج ذلك الوقت، ولا يضرك ما يخرج منك من الغازات. وانظري الفتوى رقم: 250369.

فالأمر إذا يسير بحمد الله، فإن كان هذا مجرد شك فأعرضي عنه، وإن كان يقينا فحكمك حكم صاحب السلس على ما بينا، فإن شئت قضاء ما فاتك من الصلوات احتياطا لم يصعب عليك ذلك إذا عملت بما أوصيناك به وأرشدناك إليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني