الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مجرد تحريم المرء على نفسه شيئاً لا يوجب كفارة

السؤال

ما حكم الدين في أنني حرمت الزواج على نفسي بأن لا أتزوج غير الشاب الذي تقدم لخطبتي بقولي يحرم الزواج علي من غيره مثل حرمة أبي وأخي ثم شاء الله تعالى بأن أتزوج من آخر احتراما لعائلتي وحفاظي على الأسرة لاكتشافي بأن الشاب غير مناسب لي وزواجي منه سيدمر أسرتي وإقناع والدي لي بأنه غير مناسب لنا ما حكم الدين وهل علي كفارة أنا متزوجة وعندي أطفال؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فقد اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في مجرد تحريم المرء على نفسه شيئاً حلالاً غير الزوجة هل يوجب ذلك كفارة يمين أم لا؟ فالجمهور على أن مجرد التحريم لا يوجب كفارة ولا يحرم عليه شيء، وقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا [المائدة:87]. فذم الله المحرّم للحلال ولم يوجب عليه كفارة.
وذهب الأحناف والحنابلة إلى وجوب كفارة اليمين واستدلوا بقوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ [التحريم:1، 2].
قالوا: فقد سمّى الله التحريم يميناً وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرّم على نفسه شرب العسل، أو حرّم على نفسه سريته ماريةن فعاتبه الله في ذلك.
والراجح ما ذهب إليه الجمهور من أن مجرد التحريم لا يوجب الكفارة، وأما ما استدل به الأحناف والحنابلة في قوله تعالى: قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ بعد قوله: تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ فقد ورد في القصة التي ذهب أكثر المفسرين إلى أنها سبب نزول الآية أنه صلى الله عليه وسلم حرّم أولاً ثم حلف ثانياً، كما روى ذلك الضياء المقدسي في المختارة، وعليه فلا يلزمك كفارة يمين.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني