الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

احكام الذبح في رمضان بنية الصدقة والعدول عنه بشراء لحم

السؤال

والدي يقوم بذبح بقرة في رمضان كل عام، ويتم توزيعها على الأقارب والفقراء بنية الصدقة، ولكنه عندما قام بحساب ما يخرج للفقراء وجد أنه أقل مما يخرج للأقارب، مع العلم أن الأقارب ميسورون ماديًّا، وغير محتاجين؛ فقرر هذا العام أن يشتري بمبلغ من المال لحمًا فقط، ويوزعه على الفقراء بديل الذبح، لكي يصل للمحتاجين فقط، أم يجب عليه الذبح لزيادة الأجر؟ لأن والدتي قالت: إن بكل قطرة دم أجر. حيث إن والدي لا يمكنه أن يذبح بدون التوزيع على هؤلاء المعارف والأقارب.
وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإذا كان والدك يذبح بقرة كل رمضان تقربًا إلى الله تعالى، فهذا فعل خير، وعمل صالح يثاب عليه؛ جاء في فتاوى الشيخ/ ابن باز:

فإذا ذبح الإنسان ذبيحة يقصد بها التقرب إلى الله، ونفع الفقراء، والإحسان إليهم، فلا بأس بذلك، وكان عليه الصلاة والسلام يذبح في بعض الأحيان ذبيحة، ويوزعها بين صديقات زوجته خديجة -رضي الله عنها-، وهكذا التصدق بالنقود وبالطعام من التمر، أو الأرز، أو غير ذلك، أو الملابس، كل ذلك قربة وطاعة إذا كان لله وحده -سبحانه وتعالى- على الوجه الذي شرعه الله -جل وعلا-. انتهى.

والصدقة على المحتاجين في رمضان أكثر ثوابًا، ولا يجب أن تكون ذبيحة. وبالتالي؛ فما سيقوم به والدك من شراء لحم وتوزيعه على الفقراء في رمضان عمل طيب، ولا يلزمه أن يذبح ذبيحة، بل إن الالتزام بالذبح في هذه الحالة، واعتقاد كونه عبادة في رمضان من البدع المحدثة في الدين، فيتعين تركه.

جاء في مجموع الفتاوى للشيخ/ ابن عثيمين: الصدقة في رمضان صدقة في زمن فاضل، وكان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل؛ فيدارسه القرآن. وأفضل ما تكون الصدقة على المحتاجين إليها، وما كان أنفع لهم فهو أفضل، ومن المعلوم أن الناس اليوم يفضلون الدراهم على الطعام، لأن المحتاج إذا أعطي الدراهم تصرف فيها حسبما تقتضيه حاجته من طعام، أو لباس، أو وفاء غريم، أو غير ذلك، فيكون صرف الدراهم للمحتاجين في هذه الحال أفضل من صنع الطعام ودعوتهم إليه.

وقال أيضًا في مجموع الفتاوى: لكن ما يفعله بعض الناس في ليالي رمضان من الذبائح والولائم الكثيرة، والتي لا يحضرها إلا الأغنياء، فإن هذا ليس بمشروع، وليس من عمل السلف الصالح، فينبغي تركه، لأنه في الحقيقة ليس إلا مجرد ولائم يحضرها الناس، ويجلسون إليها على أن البعض منهم يتقرب إلى الله تعالى بذبح هذه الذبيحة، ويرى أن الذبح أفضل من شراء اللحم، وهذا يوجب أن يتقربوا إلى الله تعالى بنفس الذبح، فيُلحقها بالنسك في غير محله، لأن الذبائح التي يتقرب بها إلى الله هي الأضاحي، والهدايا، والعقائق، وهذه ليس منها، فلا يجوز إحداث شيء في دين الله تعالى. انتهى.

والخلاصة: أن العدول عن الحالة الأولى إلى الحالة الثانية هو الأولى تجنبًا لما قد يترتب على الحالة الأولى من اعتقاد غير صحيح، وإثيارًا للفقراء والمساكين في الحالة الثانية.

مع التنبيه على أن التصدق على الأغنياء مشروع مثل الفقراء، وراجع الفتوى رقم: 100576.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني