الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الأكل من طعام من يقترض بالربا

السؤال

الموضوع: الأحباش.
أنا متزوج، وبعد سنتين اكتشفت أن والد امرأتي حبشي، فهو يصلي عند الأحباش، ويأخذ الدروس عندهم، ويتعامل بالقروض: الديون الربوية.
سؤالي: هل علي إثم من أكل طعامهم؟ وهل يجوز منع امرأتي من زيارة أهلها، الذين تعتمد حياتهم كلها على الربا، والسحت، علما أنهم كانوا وما زالوا أصحاب مفسدة في علاقتنا الزوجية، ولقد كفرني أبوها بعد أن قلت عن الأحباش إنهم كفرة، وأصحاب بدعة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد تقدم بيان حال هذه الفرقة، تحت الفتوى رقم: 514 ، والفتوى رقم: 8318 ، والفتوى رقم: 45043

وأما عن الأكل من مال هذا الرجل: فالراجح جوازه؛ لأن اختلاط المال، والشك في مال الشخص هل هو من حلال أم من حرام؟ لا يجعله حراما، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبايع اليهود في المدينة، وهم أكلة السحت، ومات ودرعه مرهونة عند يهودي، وأجاب دعوة يهودي دعاه على خبز شعير، وإهالة سنخة.

ففي الحديث: أن يهوديا دعا النبي صلى الله عليه وسلم إلى خبز شعير، وإهالة سنخة، فأجابه. رواه أحمد. وقال الأرناؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم.

ووجه الاستدلال أنه صلى الله عليه وسلم استجاب لدعوة اليهودي، واليهود كانوا يتعاملون بالربا، ولا يتورعون عن أخذ المال الحرام، وفي الحديث: أن امرأة يهودية أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة مسمومة، فأكل منها. رواه مسلم.

وأخرج الشيخان من حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعا من شعير.

وكان الصحابة في عصره وبعده يتعاملون مع اليهود، فقد روى الطبراني في الأوسط عن كعب بن عجرة قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فرأيته متغيرا، فقلت: بأبي أنت ما لي أراك متغيرا؟ قال: ما دخل في جوفي ما يدخل جوف ذات كبد منذ ثلاث! قال: فذهبت، فإذا بيهودي يسقي إبلا له، فسقيت له على كل دلو بتمرة، فجمعت تمرا، فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من أين لك يا كعب؟ فأخبرته. ... والحديث حسنه الألباني في صحيح الترغيب.

وقال ابن العربي في أحكام القرآن: الصحيح جواز معاملتهم مع رباهم، واقتحامهم ما حرم الله سبحانه عليهم، فقد قام الدليل على ذلك قرآنا، وسنة. قال الله تعالى: وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ.

إلى أن قال: والحاسم لداء الشك والخلاف اتفاق الأئمة على جواز التجارة مع أهل الحرب، وقد سافر النبي صلى الله عليه وسلم إليهم تاجرا. انتهى.
وأما عن تكفير هذا الرجل لك: فلا يستغرب، فهم كفرّوا ابن تيمية، وابن القيم والذهبي وابن عبدالوهاب وابن باز وغيرهم.

ويلزمك أن تعلم زوجتك العقيدة الصحيحة حتى تحصنها منهم، ولا تمنعها من التواصل بهم؛ لأن الوالدين يشرع البر بهما ولو كانا كافرين.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني