الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الصدقة على من أظهر حاجته مع احتمال كونه غير محتاج

السؤال

كنت قد رأيت أناسا على الإنترنت، يعرضون ظروفهم الصعبة من ديون، أو فقر، وحاجة للمال، ويريدون مساعدات.
إذا ساعدت أحدا من هؤلاء الذين يعرضون مشاكلهم، وحولت له مبلغا عن طريق البنك.
هل هذا أفضل من التصدق لجمعية خيرية في بلدي؟
وهل -لا قدر- الله لو كان هذا الشخص نصابا، أو مخادعا هل يذهب الأجر؛ لأني بصراحة أريد أن أساعد، ولكن أخاف أن يكون أحدهم كاذبا، ويذهب المال، ويوجد هنا من هو أولى بهذا المال، وفي نفس الوقت أخاف أن يكون هذا وسواسا من الشيطان؛ ليبعدني عن هذا الأمر، فمن كلامهم أحس فعلا أنهم محتاجون.
ماذا أفعل أثابكم الله؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يوفقك، وأن يزيدك حرصا على الخير، ولا يخفى أن الصدقة من أجل الأعمال، وأعظم القربات، والصدقة عبر الإنترنت، أو عبر الجمعيات الخيرية، كلاهما حسن، والمفاضلة بينهما ترجع إلى الشخص نفسه، وإن كان الغالب أن الجمعيات الخيرية أوثق، وآمن.

والمهم هو المبادرة بالصدقة والإحسان، وألا يلتفت المرء إلى تثبيط الشيطان، وتشكيكه في صدق المحتاجين، فإن الله يأجر العبد على الصدقة على حسب نيته فيها، ولو وقعت صدقته في غير موقعها، وكان السائل لها كاذبا غير صادق.

جاء في الصحيحين عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال رجل: لأتصدقن الليلة بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد زانية، فأصبحوا يتحدثون تصدق الليلة على زانية، قال: اللهم، لك الحمد على زانية، لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد غني، فأصبحوا يتحدثون: تصدق على غني، قال: اللهم، لك الحمد على غني، لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد سارق، فأصبحوا يتحدثون: تصدق على سارق، فقال: اللهم، لك الحمد على زانية، وعلى غني، وعلى سارق، فأتي فقيل له: أما صدقتك فقد قبلت، أما الزانية فلعلها تستعف بها عن زناها، ولعل الغني يعتبر، فينفق مما أعطاه الله، ولعل السارق يستعف بها عن سرقته.

قال القرطبي: وقول المتصدق: "اللهم لك الحمد، على زانية"؛ إشعار بألم قلبه؛ إذ ظن أن صدقته لم توافق محلّها، وأنَّ ذلك لم ينفعه، ولذلك كرَّر الصدقة، فلما علم الله صحة نيته، تقبلها منه، وأعلمه بفوائد صدقاته. ويستفاد منه: صحَّة الصدقة وإن لم توافق محلاً مرضيًا، إذا حسنت نية المتصدق. اهـ من المفهم.
وقال ابن حجر: وفيه أن نية المتصدق إذا كانت صالحة، قبلت صدقته ولو لم تقع الموقع. اهـ. من فتح الباري.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني