الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من جامع مطلقته الرجعية ناويا عدم الرجعة

السؤال

كنت متزوجا بامرأة وأعطيتها ورقتها، والتقيت بها وجامعتها بعد الطلاق بنية عدم الرجوع، وكنت جاهلا بأمور الدين والأحكام, وذكرت لي بعد أشهر أنها حامل، فقلت لها أسقطي الجنين، وأنا متردد من صدقها، لأنها دائما تكذب، وبعد تحريضي ندمت على قولي، وأعلم شرعا أنني قد ارتكبت جرما إن كانت صادقة في حملها، وأريد معرفة ما يترتب علي من كفارة ودية وصيام حتى لو لم يكن هناك حمل، حيث حصل الزنا بعد الطلاق والتحريض على الإجهاض، ويعلم الله أنني تبت توبة بدموع من دم.
أفيدوني جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان هذا الطلاق رجعيا، فالرجعية في حكم الزوجة تصح رجعتها، وقد اختلف الفقهاء في الرجعة بالفعل هل تشترط له النية أم لا؟ وقد ذهب بعض أهل العلم إلى صحة الرجعة بالفعل، كما أوضحناه في الفتوى رقم: 54195.

ويظهر من كلام فقهاء الحنفية أنه تصح الرجعة بالفعل ولو وطئها ينوي عدم الرجعة، جاء في حاشية رد المحتار على الدر المختار عند الكلام عن السفر بالمطلقة الرجعية بنية عدم الرجعة: التقبيل بشهوة ونحوه يكون نفسه رجعة وإن نادى على نفسه بعدم الرجعة.... فإن التقبيل حلال، فيكون رجعة، والمسافرة حرام، فلا تكون رجعة، ولا دلالة عليها مع التصريح بعدمها. اهـ.

وقد أسأت بأمرك إياها بإسقاط هذا الحمل، فإن هذا أمر محرم ولو كان الحمل في طور النطفة على الراجح من أقوال الفقهاء، وسواء كان من زنا وشبهة، أو وطء صحيح، فيجب عليك وعلى من شارك فيه بأي نوع من المشاركة، أن يتوب إلى الله، وإن حصل الإجهاض بعد تخلق الجنين، فيجب على من باشر ذلك، دفع ديته، ولمزيد من التفصيل نرجو مطالعة الفتوى رقم: 143889.

وننبه إلى أنه يجب على المسلم المباردة إلى سؤال أهل العلم قبل الإقدام على الفعل دفعا للحرج عن نفسه، قال تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {النحل:43}.

قال القرطبي رحمه الله: فرض العامي الذي لا يشتغل باستنباط الأحكام من أصولها، لعدم أهليته فيما لا يعلمه من أمر دينه، ويحتاج إليه، أن يقصد أعلم من في زمانه وبلده، فيسأله عن نازلته، فيمتثل فيها فتواه، لقوله تعالى: فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ {النحل: 43} وعليه الاجتهاد في أعلم أهل وقته بالبحث عنه، حتى يقع عليه الاتفاق من الأكثر من الناس. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني