الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صفة النوم القليل الذي لا يضر بالجسم

السؤال

كثيرا ما قرأنا عن حال السلف مع النوم، وأن النبي صلى الله عليه وسلم، والصحابة كانوا ينامون قليلاً، بل إن ربنا سبحانه وتعالى شرع لنا قيام نصف الليل، أو أقل، أو أكثر. ورغم قلة النوم هذه لدى النبي صلى الله عليه وسلم، والصحابة، إلا أنهم كانوا أئمة في سائر العبادات، والمعاملات.
كلما حاولت أن أنام 4 أو 5 ساعات يومياً مثلاً، أشعر ببركة في الوقت، والأعمال، فأقوم الليل، وأستغفر بالسحر، ولكن سرعان ما أشعر برغبة في النوم بكثرة، بعد فترة من الزمن، بل إني حالياً قد أنام 6 أو 7 ساعات، ومع ذلك أشعر برغبة في النوم، بل وأحياناً قد أنام وأنا أصلي العشاء، ولا أعلم سبب هذا.
أريد من حضراتكم أن تشيروا علي بكيفية تقليل عدد ساعات نومي قدر المستطاع، بدون أن أضر بنفسي، مع العلم أن جزء كبيرا من اليوم يضيع في العمل الدنيوي، والمواصلات منه، وإليه، ولا أتمكن حتى من القيلولة، وعليه، فأنا بحاجة ماسة لتقليل ساعات نومي قدر المستطاع؛ لأتمكن من إصلاح ديني، ودعوتي.
وأعتذر عن الإطالة.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يعينك على طاعته، وأن يرفع همتك.

وننقل لك هنا فصلا من كتاب: (( تهذيب النفوس)) - للدكتور هشام عبد الجواد الزهيري حول: شهوة المنام.

يقول: فإنه متى كثر النوم، قسا القلب، وضاع الوقت النفيس, ومتى قلَّ النوم، تمكن العبد من أداء وظائف العبادات.

قال بعض السلف: "اللهم اشفني من النوم باليسير", فكأن النوم مرض. وقال الآخر: "لولا أن النوم جبلة لدعوت الله ألا أنام". وقالت أم سليمان عليه السلام، له، وهو صغير: "يا بني لا تكثر النوم من الليل؛ فإن كثرة النوم بالليل، تجعل الرجل يوم القيامة مفلسا". وقال تعالى عن العابدين: ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون) وفي الحديث: "من خاف أدلج" وهو السير بالليل، كأن الخائف من الله يتعبد ليلا ونهارا ليصل إلى الجنة.

وليس المقصود من قلة النوم، أن يقلله الإنسان بحيث يتأذى، ولكن المقصود أن يقلله قدر ما يستطيع، ولكن لا يزيد عن 8 ساعات، ولو نام خمس ساعات، لكان خيرا كثيرا، والله المستعان.

ومن الخطأ الإكثار من السهر بحيث يصلى الإنسان الفجر وهو كسلان، متعب، فالفرض أولى بالاهتمام من النفل.

كيفية تقليل النوم:

1- تقليل الطعام؛ فإن المعدة متى ثقلت وامتلأت، نام الإنسان كثيرا, ومتى قلَّ الطعام، قلَّ النوم.

2- يقلل عدد ساعات نومه تدريجيا، ولا بأس أن يستعمل أدوية الصداع لو شعر بوجع رأسه حتى يتعود على قلة النوم, والنفس ما عودتها تعود.

3- يوزع النوم على مرات ليسهل عليه التقليل، وكلما دعته نفسه إلى المنام سوفها بالفترة الثانية, وأفضل أوقات النوم ما بين الظهر والعصر، وبالليل فمن الخطأ سهر الليل كله، وفي الحديث: "ما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة كاملة يحييها" ولا حرج إن شاء الله أن ينام الإنسان متى شاء، طالما لم يخل بالصلوات، ولكن الأفضل ما قدمنا من أوقات، ونوم الليل جبلة، وسنة كونية فالأفضل عدم تغييرها إلا في المواسم كالعشر الأواخر من رمضان.

4- الخوف والاهتمام بأمر العبادة، فإنه متى خاف الإنسان واهتم بشيء قلَّ نومه.

وقال بعض السلف: "خوف جهنم أطار النوم من أعين العابدين", وقال بعضهم: "لو تأملتم خلود الكفار في النار، لما نمتم ليلا ولا نهارا" والطالب في الدراسة لا ينام أثناء امتحاناته إلا قليلا، فكذلك فليكن طالب الآخرة. انتهى.

وننبهك على أن هناك أمر سابق لتقليل النوم، وهو تحديد هدف السهر، فقدر قدرا معينا للمذاكرة، والصلاة تحتاج لإنجازهما، وحاول السهر، أو القيام من آخر الليل للصلاة والمذاكرة؛ فالطالب في موسم الامتحان قد يسهر كثيرا؛ لأن أمامه قدرا يحتاج إلى مذاكرته.

وننصحك بمطالعة فصل: علو همة السلف في معاناتهم السهر في طلب العلم، من كتاب علو الهمة للشيخ محمد بن إسماعيل المقدم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني