الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام من تزوج بعقد باطل وطلق زوجته وهي حامل وجامعها دون نية رجعتها

السؤال

فضيلة الشيخ: أرجو منك مساعدتي، لأنني مضطر: تزوجت بعقد باطل لخلوه من جميع الأركان، وتم الدخول على هذا الأساس، وطلقت زوجتي أول تطليقة وهي حامل، وجامعتها بعض المرات دون نية ردها، ولم أكن أعلم أن الرجعة تحصل بالجماع أو أنه تجوز مجامعة الطليقة الرجعية في عدتها، بل كنت أحسب ذلك حراما، ولم أكن أشك أن العقد صحيح، ووالله لم أتذكر السبب في عدم نيتي ردها هل لسوء نيتي؟ أم لأن أهلها منعوها من الرجوع؟ أم لسبب آخر، ثم راجعتها، وبعد ثلاثة أشهر وضعت طفلا، وبعد ذلك اكتشفت لأول مرة أن زواجي من النوع المتفق على بطلانه، وخشيت أن يكون الطفل ابن زنا، لأنني اكتشفت أشياء أخرى صادمة أرعبتني كأن أمه بنت زنا وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن ابن الزنا شر الثلاثة، وأنه لا يدخل الجنة، وفرخ الزنا في النار، وغيرها من الأحاديث والأثر عن سعيد بن جبير وعبد الله بن عمرو بن العاص ـ رضي الله عنهم ـ أن ابن الزنا ممن خلق لنار جهنم، وكلام ابن القيم ـ رحمه الله ـ وأنا الآن مستعد لسماع الجواب كيف ما كان، فهل يعتبر هذا الطفل ابن زنا؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإننا أولا نستغرب أن تصدر مثل هذه التصرفات ممن يعيش في بلاد المسلمين وبإمكانه أن يسأل أهل العلم عما يجهل قبل أن يقدم على العمل، قال تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {النحل:43}.

قال القرطبي رحمه الله: فرض العامي الذي لا يشتغل باستنباط الأحكام من أصولها، لعدم أهليته فيما لا يعلمه من أمر دينه ويحتاج إليه أن يقصد أعلم من في زمانه وبلده فيسأله عن نازلته فيمتثل فيها فتواه، لقوله تعالى: فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ـ وعليه الاجتهاد في أعلم أهل وقته بالبحث عنه، حتى يقع عليه الاتفاق من الأكثر من الناس. اهـ.

ويتأكد الأمر فيما يتعلق بالفروج، فأمرها خطير، والأصل فيها التحريم، فلا يجوز أن تستحل إلا على الوجه الذي جاء به الشرع الحكيم، فالواجب عليك أن تتوب إلى الله توبة نصوحا، وراجع شروط التوبة في الفتوى رقم: 5450.

وربنا عفو كريم يتوب على من تاب، فاصدق معه ولا تيأس من رحمته، والزواج له أركانه التي لا يصح إلا بها، ومن ذلك أن يكون بإيجاب وقبول، وولي وشهود، كما أوضحنا في الفتوى رقم: 1766.

فهذا الذي فعلته ليس بزواج شرعا، بل هو نوع من الزنا، ولكن إن وطئتها تعتقد صحة الزواج، فالولد ينسب إليك، وانظر الفتوى رقم: 50680.

وإذا كان ما حصل زنا ـ كما ذكرنا ـ فلا محل إذن لما ذكرت من أمر الطلاق أو الرجعة.

وحديث: ولد الزنا شر الثلاثة ـ رواه أحمد وأبو داود والبيهقي والحاكم، وصححه، ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة، وفسره سفيان كما عند البيهقي: إذا عمل بعمل أبويه.

وأما حديث: فرخ الزنا في النار، أو لا يدخل الجنة ـ فرواه ابن عدي، وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني