الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معنى المماثلة في قوله تعالى: إنكم إذا مثلهم

السؤال

تعقيبا على فتواكم عن السؤال رقم: 2548386، كنت قد بحثت في مسألة خروج المسلم من الملة إذا شاهد الفيديوهات المسيئة للدين أو لأعلام الدين، أو حتى للذات الإلهية، وخلصت إلى رأي ابن حجر فيها وهو أن المثلية في الآية: إنكم إذا مثلهم ـ هي في الإثم، وذلك اعتقادا لما يلي:
1ـ هناك فرق بين من سمع وهو راض، ومن سمع وهو ليس براض.
2ـ قياسا على عدم كفر من ترك الصلاة كسلا.
3ـ انتشار مثل هذه الفيديوهات في العصر الحالي، وكذلك الأفلام وغيرها التي تحتوي على كفر أو مشاهد إساءة فتجعل من الصعب الحكم على من يشاهدها بالكفر المخرج من الملة.
4ـ أن ناقل الكفر ليس بكافر، فكيف يكفر من ينقل إليه الكفر؟.
5ـ الخروج من الملة ليس بالأمر الهين، وإنما يحتاج إلى اعتقاد.
وقد وضعت هذه النقاط في كفة مقابل اللفظ الصريح في الآية: إنكم إذا مثلهم ـ وكذلك في الحديث عن الصلاة: فمن تركها فقد كفر ـ فهل هذه الحجج تبرئ ذمتي أمام الله؟ أم أن علي الأخذ بلفظ الآية أو الحديث كما هو؟ فالدليل الأقوى هنا هو اللفظ.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذه الآية الكريمة وإن كانت نصا في حصول المماثلة، إلا إنها ليست كذلك في حدود هذه المماثلة ومقدارها، وقد فسرها أئمة التفسير بالمماثلة في المعصية وارتكاب المأثم، لا في الكفر والخروج من الملة، ومن هؤلاء: الطبري وابن كثير وابن عاشور، كما سبق نقله في الفتوى رقم: 131228.

وقال ابن عطية في المحرر الوجيز: هذه المماثلة ليست في جميع الصفات، ولكنه إلزام شبه بحكم الظاهر من المقارنة، وهذا المعنى كقول الشاعر: عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه... فكلّ قرين بالمقارن يقتدي. اهـ.

وقال ابن الجوزي في زاد المسير: في ماذا تقع المماثلة؟ فيه قولان:

أحدهما: في العصيان.

والثاني: في الرضى بحالهم، لأن مُجالس الكافر غير كافر. اهـ.

ولهذا، فإننا ننبه السائلة على أن استقلالها بالاستدلال بالقرآن والسنة دون التأهل لذلك، ولا الاستضاءة بأقوال العلماء من المفسرين والشراح وغيرهم: أن هذا باب مزلة، عظيم الخطر، كثير الخطأ! وأما الفتوى التي أشرت إليها ـ وهي برقم: 287557 ـ فإنما تتعلق بالعامي إذا اختلف عليه المفتون من أهل العلم، لا إذا تعارض فهم العامي مع أقوال أهل العلم! وقد سبق لنا في الفتوى المحال عليها سابقا ذكر بعض أقوال أهل العلم في تفسير الآية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني