الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

شيخي الفاضل:
تُؤمِّن المؤسسة التي أعمل فيها، التأمين الصحي، قمت بمراجعة طبيب الأسنان، حيث قام بإجراء حشوة لإحدى الأسنان، وبعد فترة شعرت أن السن تتحرك، فاتصلت بالطبيب، فقال: إن الأمر بحاجة إلى تلبيس سن، وفعلا ذهبت إليه، وقام بإزالة الحشوة. ولما طلبت أن أشاهد السن، وجدت أن المشكلة ليست في السن، وإنما هي حشوة بين اثنتين من الأسنان، فقلت للطبيب: الوضع يبدو جيدا، فدعني أجرب الوضع بدون تلبيس. ولما هممت بالمغادرة، قلت للطبيب: هل يؤثر ما قمت به الآن، وحاجة السن للتلبيس، على الإجراء الطبي الأول وهو الحشوة، بمعنى أخشى أن تقوم المؤسسة بخصم قيمة الحشوة السابقة، إذا علمت أن السن كان بحاجة إلى تلبيس وليس حشوة، فقال: لا، فأنا معروف لديهم، وحيث إن التلبيس يتطلب موافقة مسبقة من المؤسسة، فكتب ما أحتاجه لأخذ موافقة المؤسسة، وكانت كلفته مبلغا لا أذكره. المهم كله يتعلق بقيمة التلبيس، شاملا المبلغ الذي تتحمله المؤسسة، والمبلغ الذي لا تتحمله، والذي يجب أن أدفعه له مباشرة ( للتوضيح : لو كانت المؤسسة تتحمل ثمن تلبيس السن 10 دنانير، وقيمته الفعلية 15، فإنه أثبت قيمة ال 15 وعلي أن أقوم بدفع ما يتوجب علي إليه مباشرة وقيمته 5) ثم استدرك الأمر قائلا: تمهل، سوف أقوم بتركيب سن مؤقت أولا، إلى حين الانتهاء من صنع السن الدائم، وألغى الورقة السابقة، وكتب واحدة أخرى تضمنت قيمة ما تتحمله المؤسسة فقط من ثمن السن، إضافة إلى ثمن السن المؤقت (وأقوم أنا بدفع الباقي دون حاجة إلى الإشارة إليه في التقرير)
حقيقة الموضوع لم يعجبني، وأصبحت كمن بلع الموس على الحدين، لا أدري ماذا أفعل، إن شكوته إلى المؤسسة بأنه قام بالحشوة، ثم قال إن السن بحاجة إلى تلبيس، فقد تمتنع المؤسسة عن دفع قيمة الحشوة، وسأقع تحت ضغط وسواسي أنني حرمته من حقه، وقد يكون ما قام صحيح طبيا، وبالتالي وحتى أتخلص من الوسوسة، أدفع له قيمة الحشوة؛ وبالتالي لا يكون له في ذمتي شيء إن شكوته. ومعنى هذا أنني تحملت مبلغا قد لا أكون ملزما به أو لا أشكوه، وأدفع له المبلغ، وأطلب منه ألا يطالب المؤسسة بها على افتراض أنه لم يرسلها. وفوق كل هذا أصبح الحل لدي أن أؤجل ما أوصى به، متعللا بأن الوضع جيد بالنسبة لي، وهذا يخرجني من جدل إعلام المؤسسة، حيث لا أضطر إلى عرض مسألة التلبيس، ويبقى الأمر مبنيا على ضمير الطبيب كونه أدرى بما فعله طبيا؛ وبالتالي لا أكون قد ساهمت في حرمانه من حق، أنا لا علم لي به طبيا، وهنا ظهرت مشكلة أخرى، وهي هل أقوم بدفع قيمة إزالة الحشوة، فالطبيب أزالها معتقدا أنني سأقوم بالتلبيس، وحيث إنني لا أريد ذلك للأسباب أعلاه، فيتوجب علي أن أدفع له قيمة إزالة التلبيس تحوطا.
شيخي الفاضل: أصبح الوسواس لدي كثيرا هذه الأيام، حتى إنه أصبح يعطل مصالحي.
فهل هناك قاعدة فقهية أستطيع الاعتماد عليها لمواجهة المسائل المالية؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن الطبيب إذا أتقن عمله، وأعطى مهنته حقها، واجتهد في تشخيص حالة المريض، واتخاذ الإجراء الطبي المناسب لها، ثم تبين عدم جدواه، فإنه لا يضمن حينئذ، وإنما يضمن في حالة التقصير والتفريط ونحوه. وانظر الفتويين التاليتين: 5852، 5178.
وحيث كنت لا تدري صحة ما قام به طبيا، وأردت أن تشكوه إلى الجهات المختصة، فهذا بمجرده لا حرج عليك فيه، ويمكن للجهات المختصة أن تتحقق من كون الطبيب قد قصر في التشخيص أم لا، ومن ثم تتخذ الإجراء المناسب من خصم قيمة الحشوة أم لا.
وننصحك بالإعراض عن الوساوس، والتلهي عنها، فهذا من أهم وسائل التغلب عليها، وعدم ازديادها.

وانظر لمزيد الفائدة الفتاوى أرقام: 191981، 147741، 3086 وإحالاتها.
وراجع بشأن التأمين الصحي الفتوى رقم: 115984 وإحالاتها.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني