الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم سفر الابن للعمل دون إذن والديه

السؤال

أنا شاب عمري 28 عاما، وملتح منذ أكثر من 10 سنوات، ومتزوج منذ 5 سنوات، وزوجتي منتقبة، وليس لدي أطفال، ولي 3 أخوات أكبر مني سناً ومتزوجات، ولديهن أطفال، وأبي متوفى منذ 3 سنوات، وأمي تبلغ 57 عاما، ولدينا منزل من 3 أدوار، وأنا أعيش في الأول، وأمي في الثاني، والثالث مؤجر، وبسبب ما حدث في بلدي مؤخراً، بلغ مني ضيق الصدر منتهاه بسبب ما كنت أتعرض له من الذين يؤيدون النظام الحالي، ولأنني كنت مُعرضا للأذى في أكثر من موقف بسبب ظلم أمن الدولة، وذلك لأنني ملتح ولظنهم أنني أنتمي لجماعة الإخوان، ولديهم ملف عني منذ أيام مُبارك، وفي ذلك الوقت جاءني عرض عمل بدولة خليجية، فقررت فوراً السفر ليس لخوفي منهم، ولكن لأنجو بنفسي من هذا الظلم، وكانت مشكلتي الأولى هي أمي، وكيف سأتركها وهي وحيدة وسنها كبيرة، ونظرها ضعيف، ولكنني بعد استشارة واستخارة اتفقت مع أخواتي أن يتبادلن الزيارات معها، ثم سافرت، ثم أحضرت زوجتي بعد شهور، ثم أحضرت أمي بعد سنة من السفر كزيارة حتى تعيش معي ولكنها لم تتحمل العيش هنا لسببين:
الأول: أنها مؤيدة وبشدة للنظام الحالي، وبالتالي فهي تكره من قلبها مكان عملي ولكنها أتت فقط لتراني.
الثاني: تقول إنها لا ترتاح إلا في بيتها، ولأنها لا ترتاح مع زوجتي بالرغم من أن زوجتي تفعل ما يرضيها بقدر استطاعتها، قرَرَت الرجوع بعد أقل من شهرين، وبعد العودة حدثت مشاكل بينها وبين أخواتي بسبب أنها تريد من يخدمها ويأخذها للعلاج ويحضر لها طلباتها وأخواتي مشغولات بأطفالهن وبيوتهن ويسكن بمدن أخرى بعيدة قليلا عن أمي، فعندما تذهب إحداهن للإقامة مع أمي لبضعة أيام مثلا تنزعج بشدة من الأطفال وترفع صوتها عليهم بسبب الإزعاج، وتقول إنهم يستهلكون الكثير من الكهرباء والماء بالمنزل وبالتالي، تقوم أختي بالمغادرة بأمر من زوجها، وإذا طلبنا من أمي الذهاب للإقامة مع إخوتي ترفض وبشدة، وأخيرا كلمتني وقالت لي: لديك شهر لتفكر إما الرجوع لتلبي لي طلباتي ولتخدمني أنت، وليست زوجتك، وإما أن نبيع هذا البيت وتعطونني نصيبي، وكل منا يذهب لحاله، فقلت لها أنت تعرفين ما أنا مٌعرض له من أذى في بلدي، فطلبت مني حلق لحيتي وأن أسكت عن أي خطأ ولا أتكلم مع أحد فيما يحدث بالبلد، وكما يقولون ـ امشي جنب الحائط ـ ولا أدري ماذا أفعل، مع العلم أن فرصة حصولي على عمل مرة أخرى ببلدي صعبة، وأيضاً لن أحلق لحيتي ـ حتى وإن كان البعض يرى أنها ليست بفرض، فهي عندي من أهم سُبل الثبات وعدم الفتنة ـ وكذلك أرسل لها المال الذي يكفيها، وعرضت عليها إن أرادت أن أحضر لها امرأة تخدمها بالبيت فسأفعل، ولكنها رفضت أيضاً، وعرضتُ عليها أن أؤجر لها سكنا بمكان عملي لتكون بمفردها، فرفضت لنفس الأسباب، وأخيرا كل من هو مقرب من عائلتنا أكد لي أن نزولي لبلدي والمكوث مع أمي لن يكون سببا لحل المشاكل لها وسيظل هناك المزيد من المشاكل وبالأخص بينها وبين زوجتي، فهل يجب علي النزول إرضاء لها أم لا؟ وماذا أفعل؟.
وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فبالنظر للتفاصيل التي ذكرتها، فإنه لا يجب عليك أن ترجع من سفرك، فإن أكثر أهل العلم على أن للولد أن يسافر دون إذن والديه للتجارة ونحوها، إذا لم يكن في السفر أو في بلد الإقامة مخاطر، ولم يخش عليهما الضياع في غيبته، وراجع في ذلك الفتويين رقم: 60672، ورقم: 199073.

ومع ذلك، فإنه يجب عليك أن تبر والدتك وتحسن إليها بقدر طاقتك، وأن تجتهد في إرضائها وتلتمس سبل إقناعها بحاجتك للبقاء خارج بلدك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني