الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم التهديد بالانتحار أو حرق الجسد عقوبة للنفس على عصيانها

السؤال

أنا صاحبة الفتوى رقم: 260803، قبل كل شيء أنا أطلب منك يا شيخ أن تسمح لي لأني ضيعت وقتك ولم أعمل بالفتوى كما ينبغي؛ لأن ضميري يؤنبني.
فضيلة الشيخ أرجو عدم اللوم، فإني والله أدفع الثمن، وأنا راضية على العقوبة، أنا فعلت ما قلت بالفتوى وقطعت العلاقة، لكن الشاب كان يتحدث معي - والله - مرات كثيرة كنت لا أجيبه لكن مرات نعم، ومرات كنت أبعث له شيئا عن الدعوة، ومرات كان الشاب يتحدث وحده، ومرات كان يفعل المستحيل لأجيبه، بل كان يقول الذنب عليه، ومرات كان يجادل في الدين، المهم الشاب كان يقول أنه يحبني ويريدني في الحلال، وأنه جاهز، واشترطت عليه الصلاة ومرت أسابيع، وقال إنه بدأ يصلي - والله أعلم -؛ لأني الآن اكتشفت أنه يكذب كثيرا، كنت دعوت الله في السجود أن أحبه، وفعلا أظن أني أحببته، ارتكب الشاب أخطاء كثيرة، وفي كل مرة يصدمني أكثر من الأول، وفي كل مرة أطلب منه عدم التحدث يغيب شهر أو شهرين ويعود، صدمني بأنه يمارس الفاحشة مع كافرة، وفي كل مرة يكذب ويكذب، أراني الله أخطاءه وفضحه، ولكن نفسي لا تريد أن تفهم، قطعت العلاقة معه نهائيا منذ شهر، وهددته إن لم يمسح رقمي أو اتصل سأؤذي نفسي، وبدأت أتحسن بفضل الله، وطبعا ما زال ضميري يقول لي الفتوى الفتوى؛ لأني أحس بالذنب أني لم أسمع للشيخ خصوصا وأني أحب الشيوخ كثيرا، والآن بعد أن فعلت المستحيل لأنسى جرحي عاد الشاب من جديد بأكاذيب أنه يريد الزواج، وما إن اختبرته بأسئلة حتى انسحب، وقال شيئا جرحني أكثر، كنت صليت صلاة الاستخارة للمرة الثالثة منذ بدأ يتكلم معي وأرتاح لكن يختفي الشاب، الآن حالي سيئة بسببه من جديد، وأحتاج لأيام لأرتاح، وحلفت له إن تحدث معي سيندم طول حياته، أنا أتابع موقعكم، وأعلم ما يقوله الشرع، وأعلم أني أخطأت، وهذا قدر الله، هل هذا بسبب عدم سماعي الفتوى والأخذ بها؟ وهل سأؤجر على عدم رؤيتي للشاب؛ لأني أخاف الله؟ وهل سأؤجر على المرات التي لم أجبه وكنت أمنع نفسي أم لا بسبب تحدثي معه؟ وهل ما حصل لي بسبب الذنب لأني كنت أعلم أنه حرام؟ لأن حالتي سيئة أردت أن أخيف الشاب ليتركني، وقلت له سأنتحر فهل هذا ذنب؟ الآن حلفت له أنه سيندم إن تحدث معي، فهل إن فعل علي أن أوفي وأفعل شيئا غير جيد في نفسي لأني حلفت؟ أنا كنت عصبية جدا جدا، أنا واثقة بأن الله سيستجيب لي، وأنه كما استجاب لي وأحببته، والآن كنت على وشك نسيانه لكنه يعود وهنا المشكلة، وهل من نصيحة لي أؤدب هذه النفس السيئة؛ لأنها لا تريد سماعي، وفكرت في حرق جسدي إن أجبته لكن أخاف الآثار، منذ الالتزام تجاوزت الكثير من الامتحانات، فهل لأني سقطت في امتحان الحب يعني أني وقعت في فتنة الرجال؟ تألمت كثيرا بسبب أمر من الشاب واعترفت له بحبي، فهل أخطأت؟ أعصابي لم تجعلني أركز في ما أقول، وقلت له لن أسامحه، وإن وقع لي شيء فهو السبب. لا أدري هل أقصد أم لا؟ وما عقوبة الشاب من حيث الأكاذيب، وأنه تلاعب بمشاعري ولم يحترمني؛ لأني أخبرته مرارا أني لا أرضى أن يتحدث معي، وفي نفس الوقت مع أخرى، وسألته مرار عن بعض الأمور واتضح الآن أنه يكذب، فعلت المستحيل مع الشاب، وأعطيته الكثير من الفرص، ولا فائدة حتى أصبحت لا أعلم متى يكذب ومتى يصدق، ولو كان يريدني كان خطبني، وما معنى كل ما صليت الاستخارة أرتاح لكنه يختفي؟ كثيرا ما أقول لو سمعت لك يا شيخ ما كان سيحصل هذا، ومرات أقول القدر فما رأيكم؟ أكرر اعتذاري للشيخ الذي كتب الفتوى، وأرجو المسامحة لعل الله يخفف علي، أعتذر لعدم الترتيب.
بارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالواجب عليك التوبة إلى الله، وقطع كلّ صلة بهذا الشاب، فإنّ من صدق التوبة أن يجتنب العبد أسباب المعصية، ويقطع السبل الموصلة إليها، وراجعي الفتوى رقم: 61744.
واعلمي أنّ العبد قد يقع في ذنب بسبب وقوعه في ذنب آخر، وعلم ذلك عند الله وحده، وعلى أية حال فمهما تكرر الذنب فإنّ العبد إذا تاب تاب الله عليه، ومجاهدة النفس على التوبة والبعد عن المعاصي من أفضل الأعمال الصالحة، فكلما جاهدت نفسك على قطع صلتك المحرمة بهذا الرجل فأنت مأجورة ـ بإذن الله ـ وإذا هممت بمكالمته أو مراسلته، ثمّ تركت ذلك لله تعالى، فأنت مأجورة، ففي الحديث المتفق عليه: ....وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً.
وبخصوص اليمين الذي توعدت به الرجل إذا تحدث معك، فإن كنت قصدت شيئاً مباحاً كإبلاغ من يزجره أو يعاقبه، فلك أن تفعلي، ولك أن تكفري عن يمينك، وأما إن كان فعلاً غير جائز أو تترتب عليه مفسدة، فكفري عن يمينك ولا تفعليه.
ولا ريب أنّ التهديد بالانتحار منكر مبين، فالانتحار من أكبر الكبائر، ومن أعظم الذنوب، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 10397.

ولا تشغلي نفسك بحساب الشاب وعقوبته الأخروية، فكل ذلك مرده إلى الله عز وجل، واشغلي نفسك بتحقيق التوبة وإصلاح نفسك، ولا يجوز لك تحريق جسدك تأديباً لنفسك، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 166321.
وإنما يكون إصلاح النفس بالصبر والمجاهدة والاستعانة بالله عز وجل، وللفائدة ننصحك بالتواصل مع قسم الاستشارات بموقعنا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني