الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم ترك الوظيفة التي تتسبب في تضييع الصلاة وتلزم بحلق اللحية

السؤال

نشكر لكم اهتمامكم، وجهدكم، وأدامكم الله نورا، وصرحا منيرا للمؤمنين. أنا رجل أعمل في مؤسسة عسكرية، أو بالأحرى أنا في سلك الدرك، وهي إدارية أكثر منها عسكرية، وأنا من هذا المنبر أطلب إفتائي، أو بالأحرى نصحي.
أولا: في عملي لا تحترم أوقات الصلاة، وأغلب، بل كل الأعمال تنفذ وقت الصلاة، حتى صلاة الجمعة لم تسلم، وعندما أحتج يحاجونني بأن العمل أيضا عبادة. فما رأي فضيلتكم في هذا الأمر.
ثانيا: في عملي أيضا يفرض علينا حلق الحية نهائيا، وهذا كل يوم، فلا يجب أن يظهر ولو جزء يسير من شعرة، وأنا غير مرتاح لهذا الأمر. فما رأي فضيلتكم في هذا الأمر جزاكم الله خيرا؟
ثالثا: وموضوع النصيحة الذي سبق وتحدثت عنه، هو أني أنوي الاستقالة من هذا العمل؛ لما سبق ذكره فأنيروني، أنار الله قلوبكم.
وشكرا جزيلا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فإن العمل الذي يلهي عن الواجبات الشرعية كالصلاة، لا يمكن أن يكون عبادة محبوبة لله تعالى، بل هي من طاعة الشيطان، لا من طاعة الرحمن، كما قال الله عز وجل: إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ. {المائدة : 91 }

وقد نهى الله عز وجل عن الالتهاء بالمال، والولد عن ذكره، وعبادته، ومدح أهل الإيمان بذلك فقال: رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ. {النور : 37}. وقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ. {سورة المنافقون : 9 }. قال ابن عطية في تفسيره: قوله عز وجل: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ } لا تشغلكم { أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ } قال المفسرون: يعني الصلوات الخمس، نظيره قوله: "لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله" (النور -37) { وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ }، أي من شغله ماله، وولده عن ذكر الله { فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ }. اهــ.

وحلق اللحية محرم، على الصحيح من مذاهب العلماء، وقد سبق لنا بيان ذلك في عدة فتاوى، منها الفتوى رقم: 2711. كما سبق بيان بعض فوائد إطلاقها في الفتوى رقم: 19539.

وعلى ذلك، فإن كان عمل السائل يضطره إلى ترك الصلاة، أو تضييعها وتأخيرها عن مواقيتها، ولاسيما صلاة الجمعة، أو حلق لحيته، أو غير ذلك من المحرمات، فقد أصاب في عزمه على الاستقالة منه، فإنه يجب عليه تركه ما استطاع إلى ذلك سبيلا. وراجع الفتوى رقم: 73403.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني