الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من يريد الهجرة في سبيل الله ولا يستطيع

السؤال

أنا شاب من تونس، عمري 25 سنة، أريد الهجرة في سبيل الله، لكني لا أملك الوسيلة ولا المال، مع العلم أني عاطل عن العمل، دائما أفكر في هذا الموضوع، وأحس بالذنب لعدم تمكني من الهجرة، فما حكم هذا؟
رجاء أفيدوني، وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذا كنت تقصد الهجرة من تونس فلا ندري حقيقة ما الذي جعلك تحس بالذنب لعدم الهجرة منها، فهي بلد مسلم تقام فيه الشعائر، ومساجده عامرة ـ ولله الحمد ـ ويمكن لشاب مثلك أن يُحصِّل فيه الكثير من الخير، وأن تكون له فيه جهود نافعة إذا سلك الطريقة القويمة لذلك.

وعلى سبيل العموم نقول: إنه لا تجب الهجرة من بلد إلا إذا كان المرء لا يأمن فيه على نفسه أو أهله الفتنة في الدين، أو لا يستطيع إقامة شعائر دينه فيه، فإن وجبت الهجرة فإنما تجب على المستطيع، وأما غيره فهو معذور، فإن الله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها، قال تعالى: إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا * فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا {النساء:89،90} قال ابن كثير: هذا عذر من الله تعالى لهؤلاء في ترك الهجرة، وذلك أنهم لا يقدرون على التخلص من أيدي المشركين، ولو قدروا ما عرفوا يسلكون الطريق. اهـ. وراجع في ذلك الفتويين التالية أرقامهما: 111225، 118279.
ولو افترضنا أن السائل تجب عليه الهجرة لسبب ما وهو لا يملك الوسيلة ولا المال ليتمكن من الهجرة، فلا حرج عليه في البقاء، وإنما عليه أن يجاهد نفسه في ذات الله، ويحملها على الاستقامة، ويصبر ويصابر حتى يجعل الله له فرجا ومخرجا، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 125150.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني