الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام من تهجر زوجها وترفض الرجوع إلا بشرط إعطاء ذهب الزينة لأمها

السؤال

أنا شاب متزوج منذ 5 أشهر, وقد هجرتني زوجتي منذ ثلاثة أشهر بحجة أن أبي وأمي يعيشان معنا في نفس المنزل، علما أني المعيل الوحيد لهما وأحوالنا المادية ليست جيدة حاليا، ومع ذلك سعيت في الخير والصلح, وقد استأجرت منزلا مستقلا لزوجتي وآخر لوالدي, فتحدثت عني زوجتي بالسوء وعن أهلي وأفشت أسراري وقالت بأنها لم تر مني خيرا قط, وسامحتها وطلبت منها العودة إلى المنزل ولكنها رفضت بحجة أنه علي السعي وراء رضا والدها ليقبل أن يعيدها إلي؛ لأنه يرفض ذلك, وقد قمت بذلك أيضا، وطلبت مني أخيرا بأنها تريد أن تعطي الذهب (الشبكة) الذي اشتريته من مالي وملكتها إياه قبل الزواج لتتزين به زوجتي لي لتعطيه لأمها أو أنها ستبقى بعيدة عني وتهجرني, فرفضت أنا ذلك بسبب شروطها المتكررة وطلباتها المستمرة، ووضعت شرطا بأني قدمت كل ما طلبته مني إلا أن الذهب هو لتتزيني به أنت وأقسمت بالله بأني لن آخذ الذهب لنفسي ولكن لتتزين به زوجتي لي، فرفضت زوجتي ذلك وقالت بأنها إن لم تعط الذهب لأمها فإنها ستبقى في منزل والدها ولن تعود إلي (هي لا تريد الطلاق ولكنها تهجرني لفترات طويلة جدا).
وأنا الآن لا أدري إن كانت هذه أسباب كافية للطلاق أم أني أعطي فرصة أخرى للصلح لتضع بعدها شروطا أخرى وتهجرني من جديد، وهل من حقها أن تعطي الذهب لوالدتها وتهجرني لذلك؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فاعلم أولا أن من حق الزوجة على زوجها أن يوفر لها مسكنا مستقلا، فليس عليها الرضا بالسكن مع والدي الزوج، وسبق أن بينا ذلك في الفتوى رقم: 66191، وإذا منع الزوج زوجته شيئا من حقها فليس لها أن تمنعه حقه عليها؛ لأنها مأمورة شرعا بطاعته في المعروف، وانظر الفتوى رقم: 2251، وفي قول بعض أهل العلم أن لها منعه حقه إذا كان ظالما لها، وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 59566، والفتوى رقم: 129984.

والزوجة مطالبة شرعا بأن تحسن عشرة زوجها، كما أن عليه أن يحسن عشرتها، قال تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ {البقرة:228}، فإذا تحدثت عنه أو عن أهله بسوء، أو أفشت أسراره، أو زعمت أنها لم تر منه خيرا قط فقد خالفت هذا الأدب الشرعي الذي تضمنته الآية.

وبخصوص الذهب الذي أعطيتها إياه لتتزين به فليس لها الحق في دفعه لوالدتها، وتهديدك بهجرك إن لم توافق على ذلك، ولا يجوز لها الامتناع عن الرجوع للبيت لمجرد هذا السبب، فإن امتنعت حينئذ فهي ناشز، وعلاج الناشز مبين في الفتوى رقم: 1103، وليس من حق والدها منعها من العودة للبيت، ولا يجوز لها أيضا الامتناع عن العودة لمجرد منع والدها لها.

وننصح بالاجتهاد في الصلح، فالصلح خير؛ كما أخبر الرب تعالى، وأما الطلاق فإنه مباح وخاصة إن دعا إليه سبب، ولكن لا ينبغي التعجل إليه إلا إذا كانت مصلحته راجحة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني