الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسائل في قبض الهبة وعدم العدل فيها وقول العلماء بالرد

السؤال

رجل توفي عن ولد، وبنت شقيقين. وفضل الرجل -رحمه الله- ابنه بسبب زواجه، وأعطاه شقة ليسكن فيها، فكتبها باسمه بعقد بيع صوري. ثم مات الأب ولم يعدل هذا التفضيل.
هل يجوز للأخت الرجوع على الأخ بنصيبها، أم إنه لا يجوز الرجوع عليه قضاء، ويجب عليه ديانة إرجاع نصيبها؟
وإذا أرجع لها نصيبها هل يقوم بحساب نصيبها، وتقويمه يوم الوفاة، أم يوم التقسيم ولو بعد سنين؟ وهل هذه هبة، أم عقد لاغ، وباطل؛ لأنه صوري، أم إن القرائن المحيطة به تجعله في حكم الهبة، ولا يشترط تلفظ الوالد، وكتابة العقد تغني عن ذلك؟
وهل إذا قال الأب: بعتك الشقة، وكل منهما يعرف المقصود، ولم يقل الابن قبلت، يؤثر ذلك على صحة الهبة، أم إن حيازة الابن تغني عن القبول القولي، علما أن الولد يسكن في الشقة لمدة 7 سنوات، وكتابة العقد تمت بعد مرور خمس سنوات.
أرجو الإجابة مع معرفة معتمد المذاهب الأربعة المتبوعة.
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالبيع الصوري، له حكم الهبة، كما سبق في الفتويين: 276589، 158499
ولا يشترط لانعقاد الهبة التلفظ بصيغة معينة، بل يكفي وجود ما يدل على ذلك عرفا.

جاء في مجلة الأحكام: الإرسال، والقبض في الهبة، والصدقة يقوم مقام الإيجاب، والقبول لفظا. اهـ.

وقال ابن قدامة في المقنع: وتحصل الهبة بما يتعارفه الناس هبة, من الإيجاب، والقبول، والمعاطاة المقترنة بما يدل عليها. اهـ.

وقد اختلف العلماء في أصل العدل بين الأولاد في الهبة هل هو واجب، أم مستحب؟ والراجح عندنا هو الوجوب. وانظر الفتويين التاليتين: 6242، 28274

ثم إن أكثر العلماء على أن ما حازه الولد الموهوب له، فقد ثبت حقه فيه بموت الوالد، سواء كانت الهبة عادلة أم لا، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى وجوب الرد ولو بعد الموت. وراجع للأهمية الفتوى رقم: 282226 وإحالاتها.
وعلى ذلك، فرجوع البنت على أخيها، وإرجاع الأخ نصيبها، مختلف فيه بين أهل العلم. هذا من حيث الديانة.

أما من حيث القضاء: فعلى تقدير أن القول بوجوب الرد هو المعتمد قضاء، فإن من لوازم الحكم بذلك، ثبوت التفضيل الممنوع في الهبة، وإلا فليس للقاضي إصدار حكم قضائي بمجرد الدعوى.
وعلى اعتبار القول بوجوب الرد، فإن الأخت تستحق نصيبها الشرعي من إجمالي قيمة الشقة عند قسمتها. وانظر الفتوى رقم: 114209.

هذا، وننبه إلى أن النفقة تخالف الهبة، فالتسوية بين الأولاد في النفقة غير لازمة؛ لأنها تكون بحسب الحاجة، والزواج من جملة الحاجات، ومع ذلك فحيث كانت الشقة زائدة عن حاجة الابن، كأن يستطيع السكن بالإيجار مثلا، أو كان بإمكان الأب أن يسكنه فيها دون تمليكها له، فعند ذلك تكون هبته إياها مما يمنع فيه التفضيل دون مسوغ شرعي. وانظر الفتوى رقم: 257584 وما أحيل عليه فيها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني