الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تربية الزوج لأخت زوجته منذ صغرها لا يجعلها من محارمه

السؤال

لي صديق عندما تزوج كان لزوجته أخت رضيعة عمرها عام، ثم ماتت أم زوجته حينذاك وانتقلت الطفلة للعيش معه وزوجته في بيته؛ لعدم وجود أخ أو أب لها فكلهم متوفون، ونشأت في بيته وكان يعاملها بالحسنى كابنته، وأنفق عليها وعلى تعليمها، المشكلة أنها لما كبرت ظل يعاملها كابنته فيقبل رأسها وتكشف شعرها أمامه ويلمسها، وهي الآن متزوجة ومنتقبة، وعندما يذهب لزيارتهم تكشف وجهها ويسلم عليها علي مرأى ومسمع من زوجها وأختها وهم موافقون على ذلك، وعندما حدثته قال إنها ابنته ومستحيل أن ينظر لها بشهوة، وأنه من رباها وأن ذلك بمشاعر الأبوة التي لا يستطيع التحكم فيها، وأنا لا أسيء الظن به فأحسبه من الصالحين ولا أزكيه على الله، فقلت له إن الشرع لا ينظر إلى تلك الاعتبارات ولكن الحلال بين والحرام بين، وأنه يجوز أن يتزوجها إذا ماتت زوجته أو طلقها؛ لذا فعليه أن يعاملها كالأجنبية تماما، وله ثوابه عند الله على كفالتها ورعايتها، فلم يقتنع، فأرجوكم أن توجهوا له النصيحة، جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأخت الزوجة أجنبية عن الزوج، فهي وإن كانت من المحرمات مؤقتا إلا أنه لا يعتبر محرما لها، لأن المحرمية لا تثبت إلا في حال التحريم المؤبد؛ كما بين أهل العلم، وراجع الفتوى رقم 6741، وهذا ما لم تكن زوجته ـ وهي أختها ـ قد أرضعتها الرضاع المحرم بأن يكون خمس رضعات في الحولين، فيكون حينئذ أبا لها من الرضاعة، وانظر الفتوى رقم: 9790.

فإن لم تثبت المحرمية يبقى الأمر على الأصل وهو كونها أجنبية عليه فيحرم عليها وضع حجابها عنده، أو مصافحتها، أو خلوته بها ونحو ذلك مما يجوز مع المحارم، ولا اعتبار لما ذكر من كونه رباها ويشعر تجاهها بمشاعر الأبوة ونحو ذلك، فمثل هذه الأمور لم يعتبرها الشرع، ولا اعتبار لكون زوجها وأختها موافقين على هذه التصرفات، فنوصيه ونوصيها بتقوى الله تعالى، والاستجابة لأمر الله سبحانه فهو القائل: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا {الأحزاب:36}.

والنبي صلى الله عليه وسلم كان أتقى الناس لله وأطهرهم قلبا، فكان يعامل النساء الأجانب كما أراد الله، وراجع الفتوى رقم: 52862، وزوجاته وصفهن رب العزة بأنهن أمهات للمؤمنين فقال: وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ {الأحزاب:6}، ومع ذلك أمر الله بمحادثتهن من وراء حجاب، فقال: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ {الأحزاب:53}، وهذا لأنهن أمهات في الاحترام لا في المحرمية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني