الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أهمية الاعتدال في الغيرة لدوام العشرة بين الزوجية

السؤال

طبع زوجي منذ أن تزوجنا أنه لا يتركني أخرج من البيت إلا معه أو مع أحد محارمي فقط، حتى لو خرج معي ومعنا أمه أو أمي لا يتركنا وحدنا، حتى لو كنا داخل أي محل، وأنا أقيم مع زوجي في السعودية، وقد ذهبت معه ومع أبنائي لزيارة أخي في منطقة أخرى بالسعودية، وتركني عند أخي أسبوعين، وسمح لي بالخروج معه دون أن يشترط علي أي شرط، فاستأذنت منه ذات يوم وخرجت مع أخي وزوجته وأبنائه وأبنائي، وعندما وصلنا للمركز التجاري وقف أخي وقال: سأنتظركم في السيارة وآتي لأخذكم بعد نصف ساعة كي تشتروا أغراضكم. فذهبت مع زوجة أخي والأبناء، وحينها اتصل بي زوجي وقال لي: إنك لم تردي على الجوال فطلبت أخاك فأبلغني أنك لست معه وهو في الخارج، وهذا لن يمر، وسأفعل وأفعل بك. وأغلق الهاتف، فرجعت من فوري ولم أشتر شيئًا، وعدنا إلى المنزل، وطلبته هاتفيًّا، وأبلغته أني لا أقصد كسر أوامره، ولكن فعلت كما أمرنا أخي، وهو يعتاد ذلك مع أهله، وهو محرمي في هذا البلد دون أن أفكر، واعتذرت له، ولكنه لم يقبل وأصر أن لا يتحدث معي إلا بعد أن أعود إليه، وأنه سيعاقبني، وأنني ارتكبت مصيبة، وبدأ يشكك في كلامي، ويتهمني بالكذب، وطلب مني أن أقسم أني لا أخفي عنه شيئًا، واشتد الحوار إلى أن شتمني في تربيتي وأخلاقي، وقال بأنني أحتاج أن أتربى، فطلبت منه الطلاق، وأخبرته أني سأغلق الهاتف، ثم عدت واعتذرت، وقلت له: سأعود معك ونتفاهم في بيتنا. مع العلم أني متزوجة منذ خمس سنوات، وأطيعه في كل شيء، وأرتدي النقاب في الخارج، وأقوم الليل، وأصوم النوافل -بفضل الله-، وأهلي على خلق ودين.
والآن هو لا يتكلم معي إطلاقًا، ولا يرد على الهاتف إلا أن أوقظه لصلاة الفجر فيقول لي: نعم صحيت، والسلام عليكم.
فهل انا أخطأت عندما لم أتصل لأبلغه عندما تركنا أخي في السوق وذهب؟ وهل له الحق أن يخاصمني كل هذا، ويلمح أنني في طريقي إلى النشوز؟
وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فغيرة الزوج على زوجته من الأمور الحسنة، وهي علامة حب لها، ولكن ينبغي الاعتدال فيها؛ لئلا يقع الزوج في حرج، ويوقع زوجته في حرج؛ قال الشيخ/ ابن عثيمين وهو يتحدث عن غيرة المرأة على زوجها: من طبيعة المرأة أن تغار على زوجها، وهذا دليل على محبتها له، ولكني أقول: الغيرة إذا زادت صارت غبرة وليست غيرة، ثم تتعب المرأة تعبًا شديدًا، لذلك أشير على هذه المرأة أن تخفف من غيرتها، وأشير على الرجل أيضًا أن يحمد الله على أن هيأ له امرأة صالحة تحبه... اهـ.

وهكذا الحال في غيرة الزوج على زوجته، فنرجو أن يخفف زوجك من غيرته، ويهون الأمر على نفسه، خاصة وأنك ذهبت مع محرمك، وهو أخوك ومعه زوجته وأبناؤه، فالأمر لا يستدعي كل هذا الغضب والسب والتحقير والطعن في تربيتك وأخلاقك، فضلًا عن هجره إياك، فهذا يتنافى مع ما جاء به الشرع من الأمر بحسن عشرة الزوجات، قال تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء:19}. ولو نشزت الزوجة فليس الهجر بأول خطوات العلاج التي أمر الله بها في القرآن، وراجعي فيها الفتوى رقم: 1103.

ولكن في المقابل ينبغي أن تحذري كل ما يمكن أن يثير زوجك، فقد عرفت فالزمي، واعملي على كل ما يمكن أن يكون سببًا في توفر الثقة بينكما، واجتنبي مواطن الشبهات؛ فهذا من شأن أهل الإيمان، كما أوضحنا في الفتوى رقم: 55903.

فالذي نوصيك به أولًا: الدعاء؛ فتسألي ربك أن يصلح ما بينك وبين زوجك، والله سبحانه أمر بالدعاء ووعد بالإجابة، فقال: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60}. ثم التفاهم مع زوجك والاتفاق معه على تحكيم الشرع في كل نزاع بينكما، وإن استدعى الأمر أن تستعيني ببعض العقلاء ليصلحوا ما بينك وبينه فافعلي.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني