الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اختيار العالم لقول لا يعني إهداره للأقوال الأخرى

السؤال

سؤالي عن المسائل الخلافية: هل من يفتي بقول، وفي المسألة خلاف يعلمه، أو لا يعلمه، يكون غير مؤمن بالأقوال الأخرى؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالشخص إن كان من أهل الاجتهاد، والنظر في الأدلة؛ فإنه يفتي بما يترجح له بحسب الدليل، ولا يعني اختيار المجتهد لقول من الأقوال، تسفيهه للأقوال الأخرى، وإهداره لها، بل غايته أنه ترجح لديه هذا القول، ويبقى للأقوال الأخرى منزلتها، واحترامها، وأنه يجوز تقليد أصحابها ما داموا من أهل الاجتهاد، والمسألة من مسائل الاجتهاد.

قال الفقيه ابن حجر: في العدة لابن الصباغ: كان أبو إسحق المروزي، وأبو علي الطبري، يقولان إن مذهب الشافعي -رضي الله تعالى عنه- وأصحابه، أن الحق في واحد، إلا أن المجتهد لا يعلم أنه مصيب، وإنما يظن ذلك. اهـ.

وإذا كان المجتهد لا يعلم الإصابة وإنما يظنها، فمقلده أولى. ومعلوم أن الظن يقابله الوهم، وهو احتمال الخطإ، فنتج أن المجتهد يظن إصابته، ويجوز خطؤه، وأن مقلده كذلك. انتهى.

وقال ابن نجيم: قَالَ فِي آخِرِ الْمُصَفَّى: إذَا سُئِلْنَا عَنْ مَذْهَبِنَا، وَمَذْهَبِ مُخَالِفِينَا فِي الْفُرُوعِ، يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نُجِيبَ بِأَنَّ مَذْهَبَنَا صَوَابٌ يَحْتَمِلُ الْخَطَأَ، وَمَذْهَبَ مُخَالِفِينَا خَطَأٌ يَحْتَمِلُ الصَّوَابَ؛ لِأَنَّك لَوْ قَطَعْت الْقَوْلَ لِمَا صَحَّ قَوْلُنَا إنَّ الْمُجْتَهِدَ يُخْطِئُ وَيُصِيبُ. انتهى.

وكلام العلماء في احترام مذاهب الآخرين، وتجويز تقليد غيرهم من أهل العلم في مسائل الاجتهاد، كثير جدا، فليس معنى اختيار العالم لقول، إهداره لغيره.

وأما المقلد فمذهبه مذهب مفتيه، وليس له أن ينكر على من اتبع غير القول الذي قلده، بل عليه أن يعتقد جواز تقليد أي من الأئمة المعتبرين في مسائل الاجتهاد، وأن الذمة تبرأ بتقليد من يوثق بعلمه ودينه، وننبه إلى أن الشخص لا يكون من أهل الاجتهاد الذين يسوغ لهم الكلام في مسائل الشرع، والترجيح بين الأقوال المختلفة حتى يعلم المجمع عليه، والمختلف فيه، وما احتج به كل من المختلفين.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني