الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم بقاء الزوجة مع زوج يشرب الخمر وفي بلد لا تأمن فيه على نفسها بسبب الحجاب

السؤال

أنا أمرأة متزوجة منذ 3 أشهر، تخرجت قبلها من الجامعة بـ 3 أشهر، جامعية مثقفة ملتزمة ومتدينة وذات شخصية قوية، كان قد تقدم لي أكثر من شاب لخطبتي قبل أن أتزوج، ولكني كنت أرفض إما لعدم التكافؤ الفكري أو التوافق، فأنا سعيدة جداً في بيت أبي، وبإمكاني أن أعمل وأعيش دون رجل، شخصيتي القوية تسمح لي بهذا، ولكني قد صَلَّيْت ركعتين لله قبل أن أتخرج بفترة بسيطة داعية الله أن يهب لي زوجا من عنده؛ لأنه لو كان الامر بيدي لرفضت أي رجل يخطبني وعشت وحدي دون الاهتمام لسنة الحياة والزواج، فدعوت ربي أن يختار لي من عنده ويرسله لي، وسبحان الله بعد هذه الصلاة وتفويض الأمر لله تقدم شاب لخطبتي كما يقولون بالعامية لا يوجد به عيب سمعته في بلدنا تدل على أنه على دين وخلق وبار بأهله كما أن له منصبا في الدولة ويمثل الدولة بالخارج، وكان من شروطه أن أرافقه، وافقت وتم الأمر بكل سلاسة وسهولة بفضل من الله، ولكن عندما سافرت معه ولم يبق لي أكثر من 3 شهور اكتشفت أن مجال عمله صعب جداً، فأنا بحكم أني زوجته وأمثل الدولة معه أضطر لأن أذهب معه إلى دعوات عشاء وغداء واستقبالات، كما أني أفعل ذلك وحدي في غيابه وعلي واجبات كثيرة، والحجاب مرفوض في هذا المجال، وفي الدولة التي نقيم فيها، بل توجد بعض الاعتداءات على المتحجبات من قبل المدنيين ورجال الشرطة، ومع أني لم أواجه حتى الآن إلا نظرات وبعض الصراخ غير المفهوم من المدنيين هنا في الدولة الأوروبية، الوضع الأمني سيئ للغاية، وأحاول أن لا أخرج كثيراً لكن واقعيا لا أستطيع أن ألازم المنزل، زوجي لم يطلب مني خلع الحجاب، ولكن دائماً ما يحسسني بثقل هذا الشيء عليه وعلى مجال عمله وبخطورته، أشعر وكأنه يريد أن يطلب مني ولكنه يخجل؛ لأني منذ فترة الخطوبة وأنا أوضح له وأقول له صراحة أنا متحجبة ملتزمة عندما أسافر لا أخلع حجابي، وكان هو يوضح لي أن السفر كسياحة يختلف عن العيش بالخارج، وكنت أرد بأني إنسانة متحجبة ولا يهمني ذلك، فكان جوابه افعلي ما ترينه مناسبا.
فأنا في حيرة من أمري كيف أخلع الحجاب؟ وهل حرام علي لو خلعته في هذه البلد على أن أرتديه إذا نقل إلى بلد آخر؟ أم أطلب الانفصال؛ لأني لا أستطيع العودة إلى بلدي ويعيش كل منا في بلد، وهو لا يستطيع طلب نقله إلى بلد إسلامي.
أما المشكلة الثانية فاكتشفت أنه وأيضا بحكم أو بحجة مجال عمله يشرب الخمر، وحجته أنه لا يسكر بل لأن مجال عمله حتم عليه ذلك، وأوضحت بشده أن هذا مرفوض وأنه إذا رزقنا بأطفال لا أريده أن يكون هذه القدوة، فقد تأثر بكلامي وقال لي اصبري قليلا أمهليني بعض الوقت أريد أن أترك لكن لا استطيع تحقق ذلك في يوم وليلة.
مع العلم أنه يصلي جميع فروضه ويقرأ القران ويصوم، وكما ذكرت بار بأهله، محبوب من قبل الناس جميعا بسبب حبه لخدمة ومساعدة الآخرين، وفي بلدنا لا يوجد مخلوق يذكره بسوء، ومع العلم أيضاً أنهم لا يعلمون عن موضوع شرب الخمر، فأنا وحدي المطلعة على ذلك بالإضافة إلى زملائه بالخارج الذين هم في ذات المجال ويفكرون بنفس الطريقة.
هو لا يؤذيني وطيب ويعاملني بالحسنى، وأنا أيضاً حامل منه بالشهر الأول، ولكن الحياة معه صعبة جداً بسبب هذين السببين، فهل أطلب الانفصال، أنا باستطاعتي أن أعمل وأصرف على الجنين.
ماذا أفعل؟ هل أخلع الحجاب وأصبر على الشرب أم أنفصل؟.
أعتذر على الإطالة، أرجو إفادتي.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالحجاب فريضة على المرأة المسلمة، يجب عليها الالتزام به، ويحرم عليها التفريط فيه وخلعه، وراجعي الفتوى رقم: 5561، ووجود المرأة في بلد يمنع الحجاب أو تجد المرأة فيه شيئا من المضايقات بسببه لا يعفيها من لبسه، بل لا يجوز للمسلمة البقاء في بلد تلحقها فيه الفتنة في دينها، فتجب عليها الهجرة في هذه الحالة، وراجعي التفصيل الفتوى رقم: 108355، ففيها تفصيل حكم الهجرة، فينبغي أن تحاوري زوجك في هذا الأمر على ضوء ما ذكرنا هنا، وانظري للأهمية الفتوى رقم: 7930، والفتوى رقم: 144665.

وشرب زوجك الخمر ـ إن صح عنه ـ منكر عظيم، فالخمر أم الخبائث، وصاحبها ملعون على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وراجعي النصوص في ذلك بالفتوى رقم: 14736، فناصحي زوجك برفق ولين، وذكريه بالله تعالى، وبيني له أن قوله بأن طبيعة عمله تحتم عليه ذلك علة عليلة، وقد تكون حيلة نفسية حقيرة، وكيف يليق بمسلم يصلي لله يقرأ القرآن ويصوم أن يدنس فمه ونفسه بشرب الخمر؟! فيجب عليه أن يتوب إلى الله عز وجل ويترك الخمر ولو ترتب عليه ترك هذه الوظيفة، فلا خير في عمل يترتب عليه سخط رب العالمين، وراجعي شروط التوبة في الفتوى رقم: 5450.

وفسق الزوج من مسوغات طلب المرأة الطلاق كما هو مبين في الفتوى رقم: 37112، فلك الحق في طلب الطلاق إن لم يتب إلى الله سبحانه، وإن رأيت الصبر عليه ونصحه رجاء صلاحه فلا بأس.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني