الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم صلاة من يتخيل صورا محرمة

السؤال

يخيل لي الشيطان وأنا في الصلاة الصور المحرمة، وأستعيذ بالله، ولكن الصورة تظل بعقلي، هل بطلت صلاتي؟ أفيدوني.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يجعلنا وإياك ممن يقيم الصلاة حق القيام، وأن يعيذنا من الانشغال في الصلاة.

وصلاتك صحيحة إن شاء الله، وإن غلب الوسواس والتخيلات، قال الشيخ العثيمين في الشرح الممتع: مسألة: مِن جملة المسنونات في الصلاة الخشوع، وليس الخشوع الذي هو البكاء، ولكن الخشوع حضور القلب وسكون الأطراف، أي: أن يكون قلبك حاضراً مستحضراً ما يقول وما يفعل في صلاته، ومستحضراً أنه بين يدي الله عزّ وجل، وأنه يناجي رَبَّه، ولا شَكَّ أنه مِن كمال الصلاة، وأن الصلاة بدونه كالجسد بلا روح، وذهب بعضُ أهل العلم إلى أن الخشوع في الصلاة واجب، وأنه إذا غَلَبَ الوسواسُ على أكثر الصَّلاةِ فإنَّها لا تصحُّ، وهذه قد تُشْكِلُ في بادئ الأمر ويقال: لو قلنا بهذا القول لأوجبنا على الناس غالباً كلَّما صلُّوا أن يعيدوا صلاتهم، وإذا صَلُّوا المعادة وحصل وسواس أعادوا وهلم جَرَّا! لكن عندي أن هذا ليس بوارد؛ لأن الإِنسان إذا أُمِرَ أن يعيد صلاةً مرَّة واحدة فإنه في المستقبل سوف يخشع ولا يفكِّرُ في شيء، فالقول بأنه من الواجبات، وأنه إذا غَلَبَ الوسواسُ على أكثر الصلاة بطلت الصلاة؛ لا شَكَّ أنه قولٌ وجيه، لأن الخشوع لُبُّ الصلاة وروحها، إلا أنه يعكِّرُ على وجاهته ما أخبر به النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم بأن الشيطان إذا سمع الأذان أدبر وله ضُرَاطٌ ـ من شِدَّة وَقْعِ الأذان عليه ـ ثم إذا فَرَغَ الأذان حضر، وإذا حضر دَخَلَ على الإِنسان في صلاته، يقول له: اذكر كذا، اذكر كذا، لِمَا لم يكن يذكر، حتى لا يدري كم صَلَّى. فهذا الحديث نصٌّ بأن الوسواس وإنْ كَثُرَ لا يبطل الصلاة، وكذلك عموم قوله صلّى الله عليه وسلّم: «إنَّ الله تجاوز عن أمتي ما حدَّثت به أنفسها؛ ما لم تعمل أو تتكلَّم» فإنه يشمَل مَنْ كَثُرَ وسواسه في صلاته، وعلى كُلِّ حال؛ ينبغي للإِنسان أن يحاول بقَدْرِ ما يستطيع حضور قلبه في الصلاة، ولا شَكَّ أن الشيطان سوف يهاجمه مهاجمة كبيرة؛ لأنه أقسم بعزَّةِ الله أن يغوي جميع الناس إلا عباد الله المخلصين، لكن كلما هاجمك استعذْ بالله من الشيطان الرجيم، كما أَمَرَ بذلك النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم ولا تزال تعوِّد نفسك على حضور القلب في الصلاة حتى يكون عادة لك. انتهى.

ولكن لو أدت هذه التخيلات إلى خروج المذي بطلت الصلاة، وراجع الواجب من خروج المذي بالفتوى رقم: 290305.

وراجع للفائدة الفتويين التالية أرقامهما: 43008، 105292.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني