الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم رفض الأب تزويج ابنته من كفئها لأسباب عائلية

السؤال

رفض العائلتين زواج الكفئين.
أنا فتاة عمري 30 سنة، والداي منفصلان منذ 7 سنوات، تقدم لخطبتي ابن خالي (خالي متوفى) وهو ذو خلق ودين وعلم، لكن أبي رفض وقال إنه يناسبني كثيرا لكنه يرفضه، وذنبه أنه ينتمي إلى عائلة أمي التي كان يختلف معها، في نفس الوقت أمه كانت موافقة في البداية لكنها رفضت وقالت نفس الشيء أنني أناسبه لكنها ترفض لنفس السبب (أي كوني من عائلة زوجها المتوفى) وقد تحدثا مع بعضهما أبي وأمه وقالا إنهما يريان أن كلا منا كفء للآخر، لكن رفضا بسبب العائلة نفسها، (أخوالي وأعمامه)، علما أن كلا منا يريد الآخر، ولا يريد الزواج بغيره، وعائلتي كلها من الجهتين ترى أن هذا الرفض خطأ من أبي وأنه ظلم، وحاولوا معه كثيرا لكن أبي لا يقتنع برأي أحد فهو كبير العائلة ومثقفها، وأمه نفس الشيء، وقد قال لي أبي اذهبي وتزوجي منه وسأتبرأ منك، حاولت مع أبي كثيرا وحاججته بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه" فقال لي لا تفتي.
أنا أبحث عن الاستقرار والاحتواء الذي طالما طلبته من أبي، فكان يقول إنه متعب ولا يريد أن يزعجه أحد، ودائما يهددنا بالطرد إن أتعبنا راحته، أحس أنه ظلمني، وخاصة أنه أعاد الزواج واختار امرأة كما يشاء، وقال إنه من حقه الزواج، وأعاد بناء حياة أخرى، وماذا عني؟ أحس أنه لا يهمه أمري، ابن خالي متمسك بي ويريد الزواج مني رغم رفض أمه، ويحس أن رفضها ظلم، فهل يجوز لنا الزواج دون رضا أبي وأمه، وبموافقة أمي وأخي وأخواتي وأخوالي وبعض عائلة أبي؟ ـ لأني لا أستطيع أن أرفع دعوى قضائية على أبي لكي يسقط القاضي الولاية منه ـ وأن أتخذ خالي أو أخي 28 سنة وليا لي عوض أبي، وأحاول بعدها إرضاء أمه وإرضاء أبي (إرضاء أبي ليس سهلا) أبحث عن حل في رضا ربي.
جزاكم الله عنا كل خير.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان الحال كما ذكرت؛ فإنّ أباك عاضل لك، ولا حقّ لامرأة خالك في منع ابنها من زواجك للسبب المذكور، ولا تلزمه طاعتها في ترك زواجك، و انظر الفتوى رقم: 258586، وإذا كنت لا تقدرين على رفع الأمر إلى القاضي الشرعي، فيجوز لأخيك تزويجك، فقد ذهب بعض أهل العلم إلى جواز انتقال الولاية للأبعد من الأولياء دون الرجوع للحاكم، قال ابن قدامة (رحمه الله): إذا عضلها وليها الأقرب، انتقلت الولاية إلى الأبعد، نص عليه أحمد وعنه رواية أخرى، تنتقل إلى السلطان وهو اختيار أبي بكر وذكر ذلك عن عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ وشريح وبه قال الشافعي. المغني لابن قدامة (7/ 30) وراجعي الفتوى رقم: 32427.

أما خالك فليس من الأولياء في التزويج عند جماهير أهل العلم، قال ابن قدامة ـ رحمه الله ـ: ولا ولاية لغير العصبات من الأقارب، كالأخ من الأم، والخال، وعم الأم، والجد أبي الأم ونحوهم، نص عليه أحمد في مواضع، وهو قول الشافعي، وإحدى الروايتين عن أبي حنيفة. المغني لابن قدامة (7/ 16) وانظري الفتوى: 22277.
وعلى أية حال، فإن عليك بر والدك، ولا يجوز لك هجره أو الإساءة إليه، وإذا قمت بما يجب عليك نحوه فلم يرض وظل ساخطاً فلا حرج عليك حينئذ.
والذي ننصحك به أن تجتهدي في إقناع أبيك بتزويجك من هذا الرجل، وتوسيط بعض الأقارب أو غيرهم ممن لهم وجاهة عنده، ليكلموه في ذلك، فإن أبى التزويج، فالأولى أن تتركي هذا الرجل، ولعل الله يعوضك خيراً منه، لكن إن كان عليك ضرر في تركه فليزوجك أخوك منه، وتجتهدي في استرضاء أبيك والإحسان إليه قدر استطاعتك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني