الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم اتخاذ أذكار معينة وجعلها راتبة بدون ورود الشرع بها

السؤال

أنا أعيش في تركيا، وأغلب السكان هناك أتراك، وهم يعظمون داعية هناك اسمه: محمد فتح الله كولن، ويدعون أنه مجدد هذه المائة،
وهناك كتاب من تأليفه اسمه: القلوب الضارعة، هذه نسخة من الكتاب: http://ar.fgulen.com/images/pdf/ar_el_kulub_ed_daria.pdf
أطلعونا على رأيكم في الكتاب -بارك الله فيكم-.
وسؤالي الثاني هو: هل يجوز قراءة أذكار بعد الصلاة والمداومة عليها ولم ترد بها السنة؟
بارك الله فيكم، وإني أدعو لكم بالتوفيق والزيادة في العلم، جعلكم الله ذخرًا للمسلمين.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنعتذر للأخ السائل عن جواب سؤاله الأول؛ فإن هذا الموقع يهدف إلى إسعاف المستفتين بإجابة أسئلتهم واستفساراتهم، وليس معنيًّا بتقييم المؤلفات والأشخاص، والحكم على عقائدهم ومناهجهم!! وراجع للفائدة الفتويين: 31460، 198831.
وأما السؤال الثاني فجوابه: أن الذكر المقيد بحال معينة كدبر الصلوات المكتوبات، إذا لم يدل عليه دليل خاص، فلا تجوز المواظبة عليه واتخاذه سنة راتبة، بخلاف ما لو قيل أحيانًا من غير اعتقاد سنيته.
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عمن يقول: أنا أعتقد أن من أحدث شيئًا من الأذكار غير ما شرعه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصح عنه، أنه قد أساء وأخطأ؛ إذ لو ارتضى أن يكون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نبيه وإمامه ودليله لاكتفى بما صح عنه من الأذكار. فعدوله إلى رأيه واختراعه جهل وتزيين من الشيطان وخلاف للسنة؛ إذ الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يترك خيرًا إلا دلنا عليه وشرعه لنا، ولم يدخر الله عنه خيرًا؛ بدليل إعطائه خيري الدنيا والآخرة؛ إذ هو أكرم الخلق على الله، فهل الأمر كذلك أم لا؟
فأجاب -رحمه الله-: الحمد لله، لا ريب أن الأذكار والدعوات من أفضل العبادات، والعبادات مبناها على التوقيف والاتباع، لا على الهوى والابتداع، فالأدعية والأذكار النبوية هي أفضل ما يتحراه المتحري من الذكر والدعاء، وسالكها على سبيل أمان وسلامة، والفوائد والنتائج التي تحصل لا يعبر عنه لسان ولا يحيط به إنسان، وما سواها من الأذكار قد يكون محرمًا، وقد يكون مكروهًا، وقد يكون فيه شرك مما لا يهتدي إليه أكثر الناس، وهي جملة يطول تفصيلها. وليس لأحد أن يسن للناس نوعًا من الأذكار والأدعية غير المسنون، ويجعلها عبادة راتبة يواظب الناس عليها كما يواظبون على الصلوات الخمس؛ بل هذا ابتداع دين لم يأذن الله به؛ بخلاف ما يدعو به المرء أحيانًا من غير أن يجعله للناس سنة فهذا إذا لم يعلم أنه يتضمن معنى محرمًا لم يجز الجزم بتحريمه؛ لكن قد يكون فيه ذلك والإنسان لا يشعر به ... وأما اتخاذ ورد غير شرعي واستنان ذكر غير شرعي: فهذا مما ينهى عنه. ومع هذا ففي الأدعية الشرعية والأذكار الشرعية غاية المطالب الصحيحة، ونهاية المقاصد العلية، ولا يعدل عنها إلى غيرها من الأذكار المحدثة المبتدعة إلا جاهل أو مفرط أو متعد. اهـ. وراجع للفائدة الفتويين: 132875، 140564.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني