الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اختلى بزوجته وسمى لها المهر وأهداها ثم سألته الطلاق.. الحقوق المترتبة

السؤال

علماءنا الأفاضل.
أود سؤالكم عن أمر يخص طلاقي أو خلعي أو فسخ عقدي، فلست فقيها لأعرف الفروق وأنقلها للواقع.
كنت قد عقدت قراني في أوائل عام: 2012م وكانت الزوجة في آخر سنة دراسية في الطب فوافقت على أن تكمل عام دراستها وعام الامتياز لنكمل الزواج بعدها (الفرح والدخلة)، وسافرت إلى بلد أوربي لعملي في تلك الفترة، وكنت قد اختليت بها عدة مرات في أول أيام بعد عقد القران، ولم أدخل بها بل كان بيننا ما دون ذلك، وكنا قد كتبنا عند العقد مهرا بسيطا ومؤخرا بسيطا، وأعطيتها فعليا مهرا ماليا أعلى والعديد من الهدايا الذهبية والعطور، كما أنني لم أكن أريد منها أو من أهلها أي شيء على الإطلاق؛ لكونها ستسكن معي في الخارج، وفي عرف بلدي هذا المبلغ مهر، ولكنها من بلد آخر وطلبوا منا أن لا نقول لعامة أهلها أن هذا عندنا مهر بل نقول إنه هدية لأسباب مختلفة تعنيهم؛ حيث جرى عرفهم على أن تقدم الزوجة أشياء متعلقة بتجهيزات السكن وغيره فتكون المهور لديهم أعلى من هذا المبلغ نظير ذلك، وقبل حلول موعد الزواج كان عقد عملي قد انتهى وإن كنت أملك في ذلك الوقت من القدرة ما يمكنني من الزواج والإنفاق حتى أجد عملا آخر، وعندما اقترب كثيرا موعد الزواج المتفق عليه في آخر عام: 2013م كانت تتشاجر معي كثيرا في أشياء لا أفهم معظمها وأراها بالعامية (تلاكيك) ولكن ربما كان لها رأي آخر، فلا يمكن أن أكون الخصم والحكم، وطلبت مني الطلاق، فسألتها إذا ما كان هذا قرارا نهائيا أم أنها قد تراجع نفسها ليومين أو ثلاثة، فأجابت بأنه قرار نهائي، فقلت لها حاضر وسأبلغ الأهل للتنسيق على إعادة المبلغ المالي المدفوع وهدايا الذهب والعطور، وسألتني عن رغبتي في ما أنفقت عليها في أمور أخرى فقلت لها لا أريد منها شيئا، فقالت لي إن لها النصف من المبلغ المدفوع، فاستنكرت وقلت لها إن المهر في العقد مبلغ بسيط وهذا مبلغ مقدم مع الهدايا تبعا لكلامكم، فقالت بل هو المهر تبعا لكلامكم، ولم أكن على علم بالحكم في الأمر، فقلت لها لا أعلم ولكن سأسأل وإن كان لك حق شرعي ستأخذينه بإذن الله، وسألتها إذا ما كان لها طلبات أخرى فأجابت بالنفي، كل هذا تم كتابة بيننا في أحد برامج الاتصال، وعندما سألت قاضيا شرعيا أعرفه قال لي إن الزوجة طالما قد طلبت هي الطلاق بغير ضرر فعليها أن تعيد ما دفع إليها تلقائيا حتى ولو دخل بها، وذكر لي حديث المصطفي صلى الله عليه وسلم عندما سأل المرأة أتردين عليه حديقته؟ قالت بلى، وعليه فقد طلب الأهل بشكل هادئ المبلغ المدفوع والذهب والعطور، ولم أفاوض في ذلك على الطلاق أو يقترن به ـ وإن كانت إجراءات الطلاق قد تأخرت لأسباب مختلفة ـ ولم أسأل في ما دون ذلك، وأعطوني إياه فعلا ـ قبل أن أنجح في إكمال إجراءات الطلاق المعقدة لاختلاف البلدين، ولكني مؤخراً سمعت من أناس آخرين أن للزوجة المطلقة نصف المهر إذا لم يدخل بها، كما أن البعض يقول إن الخلوة هي دخول ولها كل المهر، ولا أعرف هل يفرق إذا ما كان الطلاق بناء على رغبة الزوج أم الزوجة، ولست أعرف اصلا هل المهر هو المكتوب أم ما جرى عليه العرف أم ماذا؟ ولست أعرف إذا ما كان هذا طلاقا أم خلعا أم فسخ عقد، فقد طلبت الزوجة الطلاق فقبلت، ولكني لم أكن مبادرا أو راغبا في ذلك خاصة بعد أكثر من عامين من الانتظار والتجهيز والمصاريف وأضرار أخرى بعضها مستمر إلى الآن، ولكني لا أقبل إبقاء من لا ترغب في البقاء معي أو المساومة في ذلك بأي شيء؛ حيث قال لي البعض إن على الزوج المساومة للتطليق نظير مال أو المهر.
معذرة على عدم دقتي بما يناسبكم، ولكن دخل في نفسي خشية بعدما سمعت هذا الكلام المتضارب أن أكون قد ظلمتها أو أخذت منها شيئاً ليس من حقي فيكون حراماً علي، أرجو من سيادتكم إرشادي إلى الحق الشرعي في حالتي، وإذا ما كان لي أن أغلق هذه الصفحة من حياتي أم أن علي دين فيها يسألني عنه الله.
هذه محاولتي لنقل الواقع وعسى ألا أكون قد ملت لنفسي في السرد ظلما، فرجاء التوضيح الشافي وإذا ما كان هناك آراء مختلفة أم أنها مواضيع مختلفة.
زادكم الله علماً. وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كنت قد خلوت بزوجك خلوة صحيحة وهي التي يمكن فيها الوطء عادة، فهذه الخلوة لها حكم الدخول عند جمع من أهل العلم، فيتقرر بها كامل المهر، قال ابن قدامة ـ رحمه الله ـ: وجملة ذلك أن الرجل إذا خلا بامرأته بعد العقد الصحيح استقر عليه مهرها ووجبت عليها العدة، وإن لم يطأ، روي ذلك عن الخلفاء الراشدين وزيد، وابن عمر، وبه قال علي بن الحسين وعروة، وعطاء، والزهري، والأوزاعي، وإسحاق، وأصحاب الرأي، وهو قديم قولي الشافعي. المغني لابن قدامة (7/ 249)
والأصل أنّ المهر هو الذي سمي في العقد، لكن الراجح أنّ الزيادة التي دفعتها بعد العقد تلحق به، قال ابن قدامة ـ رحمه الله ـ: الزيادة في الصداق بعد العقد تلحق به، نص عليه أحمد، قال في الرجل يتزوج المرأة على مهر، فلما رآها زادها في مهرها: فهو جائز، فإن طلقها قبل أن يدخل بها، فلها نصف الصداق الأول، والذي زادها، وهذا قول أبي حنيفة. وقال الشافعي: لا تلحق الزيادة بالعقد... المغني لابن قدامة (7/ 266)
وأما الهدايا التي أهداها الزوج لزوجته بسبب الزواج فإنها ترد إليه إن طلقها قبل الدخول ولا ترد إذا كان الطلاق بعد الدخول، وانظر الفتوى رقم: 243343.
وإذا سألت المرأة الطلاق لغير ضرر من جهة الزوج، فلا تجب عليه إجابتها إلى الطلاق، ويجوز له أن يمتنع من طلاقها حتى تسقط له مهرها أو بعضه، وانظر الفتوى رقم: 8649.
فإن كانت زوجتك سألتك الطلاق لغير ضرر من جهتك فتراضيتما على شيء من الصداق مقابل الطلاق، فلا حرج في ذلك، وراجع الفتوى رقم: 73322.
وإذا حصل بينكما نزاع فالذي يفصل فيه هو القاضي الشرعي.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني