الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم المشاركة في ذبح شاة إذا كان الذابح كافرا

السؤال

ماحكم المشاركة في ذبح شاة إذا كان الذابح كافرا؟ وهل هذا حرام، وكذلك سلخها وتقطيعها؟ وهل في هذا إثم؟ وهل حرام علي المشاركة في نقلها؟ وإذا كان حراما، فما حكم فعل هذا إذا كنت سأتعرض لمشاكل بترك هذا الفعل؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان الذابح كتابيا، فلا حرج في إعانته والمشاركة معه في السلخ والتقطيع، قال الإمام ابن رشد: فأما أهل الكتاب: فالعلماء مجمعون على جواز ذبائحهم، لقوله تعالى: وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم {المائدة:5} واختلفوا في التفصيل. اهـ.

وأما الكافر غير الكتابي: فلا تحل ذبيحته، وينبغي لك أن تكون أنت الذابح حتى تصح الذكاة، وأما اشتراكك معه: فلا تصح به الذكاة إن كان هو المباشر للذبح، قال النووي في روضة الطالبين وعمدة المفتين: الحيوان المأكول، إنما يصير مذكى بأحد طريقين:

أحدهما: الذبح في الحلق واللبة، وذلك في الحيوان المقدور عليه.

والثاني: العقر المزهق في أي موضع كان، وذلك في غير المقدور عليه، ثم الذبح والعقر أربعة أركان:

الأول: الذابح، والعاقر: يشترط كونه مسلما أو كتابيا، وتحل ذبيحة الكتابي، سواء فيه ما يستحله الكتابي، وما لا.... وكما تحرم ذبيحة المجوسي، والوثني، والمرتد، وغيرهم ممن لا كتاب له، يحرم صيده بسهم، أو كلب، ويحرم ما يشارك فيه مسلما، فلو أمرا سكينا على حلق شاة، أو قطع هذا بعض الحلقوم، وهذا بعضه، أو قتلا صيدا بسهم أو كلب فهو حرام، ولو رميا سهمين، أو أرسلا كلبين، فإن سبق سهم المسلم أو كلبه، فقتل الصيد، أو أنهاه إلى حركة المذبوح، حل، كما لو ذبح مسلم شاة، ثم قدها المجوسي، وإن سبق ما أرسله المجوسي، أو جرحاه معا، أو مرتبا، ولم يذفف واحد منهما فهلك بهما، أو لم يعلم أيهما قتله، فحرام.

وقال صاحب البحر: متى اشتركا في إمساكه وعقره، أو في أحدهما، وانفرد واحد بالآخر، أو انفرد كل واحد بأحدهما فحرام. اهـ.

وجاء في البحر الرائق شرح كنز الدقائق: وحل ذبيحة مسلم وكتابي، لقوله تعالى: وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم {المائدة: 5} والمراد به ذبائحهم، لأن مطلق الطعام غير المذكى يحل من أي كافر، ولا يشترط أن يكون من أهل الكتاب ولا فرق في الكتابي بين أن يكون ذميا، أو حربيا.... لا مجوسي ووثني ومرتد ومحرم، وتارك التسمية عمدا، يعني لا تحل ذبيحة هؤلاء، أما المجوسي: فلقوله عليه الصلاة والسلام: سنوا بهم سنة أهل الكتاب غير ناكحي نسائهم ولا آكلي ذبائحهم ـ ولأنه ليس له دين سماوي، فانعدم التوحيد اعتقادا ودعوى، والوثني كالمجوسي فيما ذكرنا، لأنه مشرك مثله وأما المرتد: فلأنه لا يقر على ما انتقل إليه، ولهذا لا يجوز نكاحه، بخلاف اليهودي إذا تنصر وبالعكس، أو تنصر المجوسي، أو تهود، لأنه يقر على ما انتقل إليه عندنا، فتؤكل ذبيحته، ولو تمجس اليهودي لا تؤكل ذبيحته.... اهـ.

وما ذبحه الكافر غير الكتابي يعتبر ميتة نجسة والمشاركة في سلخها وتقطيعها فيه مس للنجاسة، وقد اختلف في ملامسة النجاسة لغير حاجة، فمنهم من قال بالكراهة فقط كالمالكية، ومنهم من قال بالتحريم، وقد ذكرنا طرفا من كلامهم مبينين جواز ملامسة النجاسة للحاجة في الفتاوى التالية أرقامها: 122729، 100416، 51944، فانظرها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني