الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تفضيل النساء على الرجال ليس على إطلاقه

السؤال

كان يدور في عقلي أساس التفاضل بين الرجال والنساء من المؤمنين في الدنيا والآخرة، فبحثت من خلال مواقع إسلامية موثوقة فوجدت أن التفاضل يكون في الأمور الدنيوية مثل الجهاد والطاعة للزوج والحج..... أما أمور الطاعات: فمن الممكن أن يفضل كل من الرجل والمرأة الآخر حسب اجتهاده، وكذلك في يوم الحساب عند الوقوف بين يدي الله عز وجل، فهل هذا الكلام صحيح؟.
وبارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فصياغة السؤال غير واضحة، ولم نستطع تعيين إشكال السائل، وعلى أية حال، فإننا نشير في بيان هذه القضية إلى مسألتين:

الأولى: أن الأصل هو التسوية بين المرأة والرجل في التكاليف الشريعة، وإنما يسثنى من ذلك ما خصه الدليل، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما النساء شقائق الرجال. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وأحمد، وحسنه الألباني.

قال الخطابي في معالم السنن: أي نظائرهم وأمثالهم في الخلق والطباع، فكأنهن شققن من الرجال، وفيه من الفقه إثبات القياس وإلحاق حكم النظير بالنظير، وأن الخطاب إذا ورد بلفظ الذكور كان خطابا بالنساء، إلا مواضع الخصوص التي قامت أدلة التخصيص فيها. اهـ.

وراجع للفائدة الفتوى رقم: 16441.

الثانية: ما جُعل للرجال من الفضل والدرجة على النساء ليس تفضيلا مطلقاً، بحيث يكون كل ذكر أفضل من كل أنثى! وإنما هو تفضيل باعتبار الجنس وأصل النوع، أما باعتبار الأفراد: فالفضل للأتقى، فهناك كثير من النساء أفضل من كثير من الرجال، كما سبق بيانه في الفتويين رقم: 106951، ورقم: 61435.

وبذلك يعرف أنه من غير المستغرب أن يأتي من النساء يوم الحساب من هن أعظم أجرا وأعلى درجة من كثير من الرجال، وذلك بحسب الإيمان والعمل الصالح، قال تعالى: وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا {النساء: 124}.

وقال سبحانه: فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ {آل عمران: 195}.

قال ابن كثير: أي قال لهم مجيبا لهم: أنه لا يضيع عمل عامل لديه، بل يوفي كل عامل بقسط عمله، من ذكر أو أنثى، وقوله: بعضكم من بعض ـ أي: جميعكم في ثوابي سواء. اهـ.

وقال السعدي: أي: أجاب الله دعاءهم، دعاء العبادة ودعاء الطلب، وقال: إني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر وأنثى، فالجميع سيلقون ثواب أعمالهم كاملا موفرا: بعضكم من بعض ـ أي: كلكم على حد سواء في الثواب والعقاب. اهـ.

وأما ما ذكره السائل من كون التفاضل يكون في الأمور الدنيوية مثل الجهاد والطاعة للزوج والحج.. فلا يصح، لأن ذلك ليس من الأمور الدنيوية ابتداءً، ولأن الحج ليس قاصرا على الرجال، وإن كان فيه كغيره من العبادات بعض الأحكام الخاصة بالنساء، وأما الجهاد بالنفس: فنعم، فهو مما لا يجب على النساء، قال الشيخ ابن باز: من المسائل التي يختص بها الرجال دون النساء: الجهاد بالنفس، فالرجل عليه أن يجاهد بنفسه وأن يحمل السلاح، والمرأة ليس عليها ذلك، قالت عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله؛ نرى الجهاد أفضل الأعمال، أفلا نجاهد؟ فقال عليه الصلاة والسلام: عليكن جهاد لا قتال فيه، الحج والعمرة ـ فليس على المرأة جهاد بالنفس والسلاح، لأنها تضعف عن ذلك، ولأنها فتنة وعورة، فالجهاد على الرجال لا على المرأة بالنفس، أما بالمال فعلى الجميع.. اهـ.

وتجد في الفتويين المحال عليهما سابقا إشارة إلى ذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني