الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم بقاء من يعمل مؤسسة بنكية في عمله إذا وجد عملا مؤقتا

السؤال

أنا مهندس اتصالات 30 سنة ومتزوج، عندما تخرجت من الجامعة عرض علي عمل في مؤسسة بنكية في أوروبا في ما لا علاقة له بالربا بعقد دائم ولم أكن أعلم حرمة ذلك فقبلت، لكن لما علمت حرمة ذلك اجتهدت في البحث عن عمل ووجدت عملا في مؤسسة غير ربوية لكن لمدة مؤقتة (3 شهور)، هل أستقيل من عملي الدائم أم أبقى فيه لحين وجود عمل أضمن؟ وهل تقديم الاستقالة بصفة مباشرة تعتبر كمن ألقى بنفسه وأسرته في التهلكة؟ و الله المستعان.
أشكركم جزيل الشكر على المجهودات التي تقدمونها للأمة، وجزاكم الله عنا خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فشكر الله لك وقوفك عند حدود الله عز وجل، ونسأله سبحانه أن يزيدك ثباتا وبصيرة.

واعلم أن عملك في المؤسسة المذكورة إن كان لا علاقة له بالربا حقا، فحينئذ لا يحرم عليك البقاء فيه، وإن كان الغالب أن العمل في مثل تلك المؤسسات لا يخلو من الإعانة على الربا بوجه ما من الوجوه، كما بينا في الفتويين التالية أرقامهما: 52899، 197217، وإحالاتهما.

أما إن تقررت حرمة عملك بالمؤسسة المذكورة فلا يجوز لك البقاء فيها إلا لضرورة ملجئة، كما بينا في الفتويين التالية أرقامهما: 121861، 101803، هذا مع وجوب البحث الجاد عن عمل آخر مباح.
وبخصوص العمل المؤقت فإن كان قابلا للتجديد وعدمه، فعليك ترك العمل في المؤسسة المذكورة على الفور؛ نظرا لعدم تحقق الضرورة الملجئة والحال ما ذكر، والضرورة لا تثبت بمجرد الظن، وانظر الفتوى رقم: 67529.
أما إن كان العمل المؤقت سيتوقف تماما ولن يتجدد، وليس لك مصدر دخل آخر، فالظاهر أن وصف الاضطرار لا يزول عنك بمجرد العمل لمدة ثلاثة أشهر فقط، ومن ثم فيجوز لك البقاء في عملك الأول حتى تجد بديلا مع وجوب البحث الجاد؛ كما سبق.
هذا والأصل أن تقديمك للاستقالة ليس كإلقاء النفس إلى التهلكة، ما لم تتيقن أو يغلب على ظنك أن استقالتك ستؤدي إلى ذلك، وإلا فقد يكون خوفك من عدم الحصول على عمل مجرد توهم، ولهذا يقول الشاطبي: الصواب الوقوف مع أصل العزيمة، إلا في المشقة المخلة الفادحة فإن الصبر أولى، ما لم يؤد ذلك إلى دخل في عقل الإنسان أو دينه، وحقيقة ذلك أن لا يقدر على الصبر؛ لأنه لا يؤمر بالصبر إلا من يطيقه، فأنت ترى بالاستقراء أن المشقة الفادحة لا يلحق بها توهمها، بل حكمها أخف بناء على أن التوهم غير صادق في كثير من الأحوال.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني