الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حضانة الولد في حال اختلاف إقامة الأبوين

السؤال

شيخنا الفاضل: أنا من مواليد السعودية، وأقيم فيها مع عائلتي، وأعمل في مجال الهندسة.
قدر الله وتزوجت من شاب من بلدي، مقيم في السعودية أيضا، لكن وبعد إنجاب ابني لم أتمكن من الاستمرار في العيش معه؛ لسوء خلقه، وتصرفاته؛ مما دعاني إلى خلعه في المحكمة، والحصول على حضانة ابني البالغ من العمر 3 سنوات.
في محاولة من والد ابني أن يضارني في ابني، سافر بتأشيرة خروج وعودة، لكنه لم يرجع؛ مما تسبب في إلغاء إقامته، وبالتالي إقامة ابني، لكن الله عز وجل يسر لي نقل كفالة ابني لتكون علي كأمه، وحاضنته.
نتيجة فشل محاولة والد ابني بأن يضارني في ابني بإلغاء إقامته، أقام والد ابني دعوى مشاهدة علي في بلدي، في محاولة منه لإجباري إما على التخلي عن ابني، أو ترك وظيفتي والعودة للعيش مع ولدي في بلدي، بعيدة عن أهلي حيث لا أقارب لي من الدرجة الأولى. ومما سيجعلني عرضة لمضايقاته، وليبعدني عن عائلتي؛ مما سيسبب لي معاناة، وكربا شديدين.
قام أحد أهل الخير في بلدي بالتواصل مع والد ابني، وجده لأبيه لحل موضوع المشاهدة، بأن يكون في إجازات الصيف، لكنهما رفضا ذلك، وأصرا على الاستمرار في الدعوى للحصول على المشاهدة أسبوعيا، علما أن والد ابني وجده لأبيه يقيمان خارج بلدنا، نتيجة ظروف عملهما في الإمارات. حتى تاريخه لم تنظر المحكمة في الدعوى نتيجة وجودي خارج البلد، وأنا أخشى أن أسافر لبلدي، فيتم الحكم، ويمنع ابني بالتالي من السفر، والعودة معي إلى السعودية مما سيضطرني إلى البقاء مع ابني في بلدي، وبالتالي يمكن أن أتعرض لأذاه، أو أن أفقد ابني حيث إنه هدد بخطفه مني، وأخذه معه إلى حيث لا أجده، أو أتمكن من رؤيته، أو حتى قتله، كما كان يهددني قبل الخلع.
لذلك قررت الامتناع عن السفر إلى بلدي؛ لأتمكن من العيش بطمأنينة وسلام مع عائلتي، وأن أحتفظ بولدي لحين بلوغه سن الرشد، حيث أقوم أنا بالصرف عليه من راتبي؛ لأن والده لم يدفع له أي مبلغ منذ صدور حكم الخلع، وحتى الآن.
قالت لي إحدى صديقاتي إنني آثمة بذلك؛ لأنني بعدم سفري إلى بلدي، لا أمكن والد ابني من مشاهدة ابنه، وسينشأ ابني عندي وهو لم ير والده، ولا يعرفه.
طلبت من بعض أهل الخير مرة أخرى أن يتدخلوا في حل موضوع المشاهدة ليكون في إجازات الصيف، ويوميا إن رغب بذلك، لكنه رفض مرة أخرى، وأكد على حرصه على أن يحرق قلبي على ابني، أو أن يحرق قلب أهلي علي!!!
أرجو من فضيلتكم إفادتي: هل أنا آثمة فعلا لعدم سفري إلى بلدي، وإرسال ابني لوالده ليراه، علما أن والده كان يتمنى لابني الموت؛ وذلك لأن الحمل حصل بتقدير من الله دون أن نخطط له، فكره ولده، وكان (وأعتقد أنه لا يزال) يتمنى موته.
جزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله تعالى أن يفرج همك، وينفس كربك، وأن يحفظ لك ابنك، وينشئه تنشئة صالحة، تقر بها عينك.

وأولى ما نوصيك به الدعاء، فالله عز وجل مجيب دعوة المضطر، وكاشف الضر، فهو القائل: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ {النمل:62}.

ولمزيد الفائدة راجعي الفتوى رقم: 70670، ورقم: 119608.

وهنالك خلاف بين الفقهاء فيما إذا سافر أحد الأبوين سفر انتقال، لمن تكون الحضانة؟ وجمهور الفقهاء على أنه إذا انتقل أحد الأبوين سفر نقلة واستقرار، تكون الحضانة للأب، واستثنى بعضهم الرضيع، وأنه يكون مع أمه على كل حال، وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 134074.

واعلمي أن الأجدر بالنظر في أمور المنازعات المحكمة الشرعية، حيث يمكن للقاضي سماع الطرفين المتنازعين، وحكمه ملزم، ورافع للخلاف في مسائل الاجتهاد.

والأصل أن حضانة هذا الولد حق لك بمقتضى حكم المحكمة التي أشرت إليها، وبما أن والد الطفل قد رفع دعوى في المحكمة في بلده تتعلق برؤيته لولده، فالقاضي الشرعي يقضي في ذلك بما هو مناسب، ومصلحة المحضون هي المعول عليه في الحضانة. ولا يلزمك السفر بالولد، أو إرساله، ولكن يمكنك توكيل من يترافع عنك لدى المحكمة، ويكون وكيلا عنك فيها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني