الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم ذكر محاسن الميت ومساوئه

السؤال

توفي والدي -رحمة الله عليه- قبل سنوات، وكان يحافظ على الصلوات الخمس في المسجد، وخاصة صلاة الفجر يبكر إليها، ومن أهل الصف الأول، وكان يصوم الإثنين والخميس، وكان يتصدق.
رأت زوجتي رؤيا أنه كان سعيدا، ووجهه مشرق، بل أكثر من رؤيا لغير زوجتي، ونحن لا نحكم، أو نعتمد على الرؤى، ولكن ربما بشائر خير، فكنا أنا وإخوتي نتذاكر حفاظه على الصلوات، وأنه توفي في المسجد بعد صلاة العصر، وأنها خاتمة حسنة.
فأنكر علينا أحد إخوتي بقوله تعالى: (فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى)
وذكر أن والدي كان يتابع بعض المسلسلات التركية، وأن أبناءه يقتدون بجدهم، ويقولون إنه ختم له بخير، رغم أنه يتابع المسلسلات
فرددنا عليه بقول المصطفى صلى الله عليه وسلم:(أنتم شهداء الله في أرضه)
آمل من سماحتكم توضيح الأمر لنا. هل ذكرنا لمحاسنه جائز أم من التزكية، وهل إنكار أخي صحيح؟
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإنا نسأل الله تعالى الرحمة للوالد، وأن يحسن عزاءكم فيه. واعلم أنه ينبغي إذا مات المؤمن أن يذكر بما فيه من الأوصاف الحميدة، ويدعى له، ويرجى له الخير من الله تعالى؛ ولا ينبغي ذكر أخطائه؛ فإنه أفضى إلى ما قدم، ولا ندري لعل الله تجاوز عن سيئاته، وغمرها ببحار حسناته؛ ففي حديث البخاري: لا تسبوا الأموات؛ فإنهم أفضوا إلى ما قدموا.

وفي الصحيحين عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: مُرَّ بِجَنَازَةٍ فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا خَيْرًا، فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَجَبَتْ، وَجَبَتْ، وَجَبَتْ. وَمُرَّ بِجَنَازَةٍ فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا شَرًّا، فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَجَبَتْ، وَجَبَتْ، وَجَبَتْ. قَالَ عُمَرُ: فِدًى لَكَ أَبِي، وَأُمِّي: مُرَّ بِجَنَازَةٍ فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا خَيْرٌ، فَقُلْتَ: وَجَبَتْ، وَجَبَتْ، وَجَبَتْ، وَمُرَّ بِجَنَازَةٍ فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا شَرٌّ، فَقُلْتَ: وَجَبَتْ، وَجَبَتْ، وَجَبَتْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْرًا وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ، وَمَنْ أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرًّا وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ.
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة: تأبين الميت، ورثاؤه على الطريقة الموجودة اليوم من الاجتماع لذلك، والغلو في الثناء عليه، لا يجوز؛ لما رواه أحمد، وابن ماجه، وصححه الحاكم من حديث عبدالله بن أبي أوفى قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المراثي ـ لما في ذكر أوصاف الميت من الفخر غالبا، وتجديد اللوعة، وتهييج الحزن، وأما مجرد الثناء عليه عند ذكره، أو مرور جنازته، أو للتعريف به بذكر أعماله الجليلة، ونحو ذلك مما يشبه رثاء بعض الصحابة لقتلى أحد وغيرهم، فجائز؛ لما ثبت عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: مروا بجنازة فأثنوا عليها خيرا، فقال, صلى الله عليه وسلم: وجبت, ثم مروا بأخرى فأثنوا عليها شرا، فقال: وجبت. فقال عمر ـ رضي الله عنه ـ: ما وجبت؟ قال: هذا أثنيتم عليه خيرا فوجبت له الجنة، وهذا أثنيتم عليه شرا فوجبت له النار، أنتم شهداء الله في الأرض. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني