الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم منع الزوجة من دخول أقارب الزوج البيت

السؤال

حدثت منذ أربع سنوات مشادة بين أمي وأخواتي ضد زوجتي؛ فأهانوها بالألفاظ وفي العرض، وأهانوا أم زوجتي وضربوهما، وشهروا بهما بالشارع، ولم أتلفظ أو أرد على أمي وقتها رغم إهانتها لي وضربها لي أمام زوجتي وأمها، وكانت أختي هي المسبب الرئيسي لكل هذا بسبب غيرتها، رغم أن الله أعطاها كل شيء، ومن وقتها تركت شقتي وذهبت لبلد آخر، وعندي ولدان الآن، ولم يمر شهران إلا وكلمت أمي وأبي الذي زيفوا له الحقيقة، واتهموا زوجتي أنها هي من أساءت وبدأت، وكان أبي واقفًا في صفهم، إلا أنني لم أقاطع أهلي، ولكن زوجتي طلبت مني ألا يدخلوا لها بيتًا، وهي كذلك، ولكني أخذتها رغمًا عنها في عزاء أبي -رحمه الله-، وبعد ذلك جاءت أختي تريد زيارتي بالمنزل بعد أربع سنوات، فرفضت زوجتي، وقالت: لا تدخل بيتي، وإذا أردت ذلك فسأترك البيت. فعرف أخي بذلك فأزال عني الحرج، وأخذ أختي إلى منزله، لكن أختي اشتكت لأمي التي غضبت واتهمت زوجتي أنها لا تعرف الله، وأن الله سينتقم منها جزاء كسر الخاطر.
فهل لي الآن أن أعنف زوجتي وأجبرها على معاملة أهلي، إما ذلك وإما الطلاق، أم أنه يجوز لها منع أهلي من دخول بيتي إذا كانت هي فيه؟
وشكرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان الواقع ما ذكرت عن هذا النزاع بين أهلك وزوجتك؛ فإنه أمر مؤسف، والغيرة قد تعمي وتصم. والشرع الحكيم قد أرشد المسلمين إلى مراعاة حق الأخوة الإسلامية، وأن تكون العلاقة بينهم على أحسن حال، ويمكن مطالعة بعض النصوص المتعلقة بهذا الأمر في الفتوى رقم: 32403. وإذا كان هذا في حق عامة المسلمين فإنه يتأكد فيمن جعل الله تعالى بينهم آصرة المصاهرة، ولنعتبر في ذلك بحال النبي -صلى الله عليه وسلم- مع أصهاره، وقد قال الله تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا {الأحزاب:21}.

فالذي ننصح به هو: السعي في الصلح، والعمل على التسامح والتصافي، وليقم بالصلح بعض العقلاء والفضلاء ممن يرتضى قولهم، ولمعرفة فضل الإصلاح بين الناس نرجو مراجعة الفتوى رقم: 117937.

وليس من حق زوجتك منع أختك من دخول البيت إذا كان هذا البيت ملكًا لك، كما أنها ليس لها أن تأذن لأحد في دخوله إلا برضاك، ولكن لها منعها من الدخول إذا كان البيت ملكًا لها -أي: الزوجة- ولها أيضًا منعها من دخول الأماكن الخاصة بها، وراجع الفتوى رقم: 71818، والفتوى رقم: 109676.

وليس من حقك إجبار زوجتك على التعامل مع أهلك، ولكن ينبغي أن تبذل لها النصح في ذلك، وأن تسعى في الإصلاح -كما أسلفنا-.

وأما الطلاق: فلا تلجأ إليه لمجرد هذه المشاكل بين زوجتك وبين أهلك، فالغالب في الطلاق غلبة مفسدته على مصلحته، فلا تلجأ إليه إلا إذا ترجحت مصلحته.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني