الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الصبر على الزوجة طلبا للثواب أولى من الفراق

السؤال

أنا رجل في العقد الخامس من العمر، تزوجت منذ أكثر من 15 عاما، وزوجتي امرأة فاضلة وملتزمة ـ ولله الحمد ـ ولكنها تكره والدتي بسبب أنني أحنو عليها بعد وفاة والدي، وخاصة أن والدتي في الثمانين من عمرها وتعاني من ضعف في البصر شديد، ففي بعض الأحيان أذهب للإقامة مع والدتي حتى لا تشعر بالوحدة وحتى أقوم على خدمتها، وزوجتي تكره فعلي هذا، ومنذ فترة قررت والدتي الإقامة معنا في مسكننا خوفا على نفسها بعد أن قلت زيارتي لها حتى لا تضجر زوجتي، وبالرغم من معاملة زوجتي الطيبة لها ظاهريا، إلا أن زوجتي أصبحت توجه لي الإهانات اللفظية بصورة متكررة بسبب استضافتي لوالدتي ومعاملتي الحسنة لها، وكذلك توجيه الإهانات اللفظية بالعيب في أختي وأقاربي بصورة متكررة، وبعد أن شعرت بعدم الرضا من زوجتي بإقامة والدتي قمت بإعادتها إلى مسكنها البعيد مرة أخرى حتى لا تتدهور علاقتي بزوجتي أكثر من ذلك، مع العلم ـ والله على ذلك شهيد ـ أنني أوفر لزوجتي مسكنا كبيرا ومريحا ولا أدخر جهدا ولا مالا في الإنفاق عليها وعلى الأولاد، حتى إنني لم أطلب منها يوما منذ زواجنا إعداد أي طعام أو القيام بأي أعمال منزلية، فهي لا تقوم بأي شيء من ذلك، وإنما تقوم به الخادمات من الطهي والقيام بالأعمال المنزلية، ولكن مع زيادة إهانات زوجتي لي التي أصبر عليها صبرا شديدا وخشيتي من عقوق والدتي وإضاعتها في سنها الكبيرة، أصبحت أشعر بالضيق الشديد في العيش مع زوجتي، وأحاول أن لا أشعرها بهذا حتى لا ينعكس ذلك على الأولاد وحتى أوفر لهم بيئة نفسية صحية ينشئون فيها، وأنا أميل إلى الصبر على هذا الحال بغية الأجر من الله، وأحاول التغاضي على تلك الإهانات بقدر الإمكان، فهل أصبر على هذا الأمر أكثر من ذلك، أم أتجه نحو التهديد بالانفصال؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فجزاك الله خيراً وزادك حرصاً على برّ أمّك والإحسان إليها، فلا ريب في كون برّ الأمّ من أوجب الواجبات ومن أعظم القربات، ولا سيما حال كبرها وضعفها ومرضها، فإنّ حقها عليك في هذه الحال عظيم، فاجتهد في برّها واحذر من التقصير في حقها، رضيت زوجتك بذلك أو سخطت، وأبشر ببركة برّك بأمّك طاعة لربك وعرفاناً بحقها عليك، كما أنّ حرصك على حسن عشرة زوجتك والصبر عليها، من كريم الأخلاق وجميل الصفات، وقد كان حرياً بزوجتك أن تقابل إحسانك بإحسان وتكون عوناً لك على برّ أمّك وتحسن إليها وإلى سائر أهلك، أما أن تقابل إحسانك بالإساءة إليك وإلى أهلك وتتضجر من برّك بأمّك وإحسانك إليها، فهذا ليس من خلق المؤمنة الكريمة.

والذي ننصحك به أن تذكرها بالله وتبين لها أن تطاول الزوجة على زوجها وأهله بغير حقّ، خطأ كبير وجهل بحق الزوج وما جعل الله له من القوامة على الزوجة، فإن لم يفد معها الوعظ فاسلك معها سائر وسائل الإصلاح المشروعة من الهجر في المضطجع والضرب غير المبرح، فإن لم ترجع فهددها بالطلاق، فإن بقيت على تلك الحال، ولم يكن في بقائك معها فساد في دينك أو دنياك فالأولى أن تصبر عليها احتسابا للأجر وطلباً لمرضاة الله، فإنّ في الصبر خيراً كثيراً، قال أبو حامد الغزالي ـ رحمه الله: والصبر على لسان النساء مما يمتحن به الأولياء.

وللفائدة راجع الفتاوى التالية أرقامها: 69622، 18106، 66448.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني