الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ضوابط خروج المعتدة عن وفاة، وحكم استعمالها الصابون المعطر والشامبو

السؤال

توفي والدي -رحمه الله تعالى- وتركنا في بيت ذي ثلاثة طوابق؛ أسكن مع أمي وأخي في الطابق الأول، بينما يسكن أخي الأكبر من أبي في الثاني، وآخر في الثالث، وأمي الآن في مرحلة العدة، فهل يجوز لها أن تصعد عند إخوتي في الطابقين الثاني والثالث، خاصة وأنها تشعر بالوحدة والقلق؟ علمًا أن البيت عبارة عن فيلا لكن لكل طابق بابه الخاص، والبيت كان ملكًا لأبي بالكلية، فهل صعودها إلى أحد الطوابق يعتبر خروجًا من بيت زوجها؟ وهل يمكنها استعمال الصابون المعطر والشامبو؟
وبارك الله فيكم، وجزاكم عنا كل خير.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن المرأة في زمن العدة من وفاة زوجها يجب عليها أن تعتد عدة الوفاة في بيته، ولها أن تخرج لزيارة أبنائها وبيوت محارمها إن كانوا في نفس البيت، بل يجوز لها أن تخرج نهارًا لحاجة خارج البيت؛ قال ابن قدامة: وللمعتدة الخروج في حوائجها نهارًا، سواء كانت مطلقة أو متوفى عنها زوجها؛ قال جابر: طلقت خالتي ثلاثًا، فخرجت تجذ نخلها، فوجدها رجل فنهاها، فذكرت ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: اخرجي فجذي نخلك لعلك أن تتصدقي منه، أو تفعلي خيرًا. رواه النسائي، وأبو داود.

وروى مجاهد، قال: استشهد رجال يوم أحد فجاءت نساؤهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقلن: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، نستوحش بالليل، أفنبيت عند إحدانا، فإذا أصبحنا بادرنا إلى بيوتنا؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (تحدثن عند إحداكن، حتى إذا أردتن النوم، فلتؤب كل واحدة إلى بيتها). وليس لها المبيت في غير بيتها، ولا الخروج ليلًا، إلا لضرورة؛ لأن الليل مظنة الفساد، بخلاف النهار، فإنه مظنة قضاء الحوائج والمعاش، وشراء ما يحتاج إليه. انتهى من المغني.

وعليها أن تحد -أي: تترك الزينة- ويحرم عليها استعمال شيء مشتمل على طيب؛ كصابون معطر، أو الشامبو المعطر، ونحو ذلك. وأما غير المطيب من أدوات النظافة فلا حرج فيه؛ فعن أم عطية قالت: كنا ننهى أن نحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرًا، ولا نكتحل، ولا نتطيب، ولا نلبس ثوبًا مصبوغًا إلا ثوب عصب، وقد رخص لنا عند الطهر إذا اغتسلت إحدانا من محيضها في نبذة من كست أظفار، وكنا ننهى عن اتباع الجنائز. رواه البخاري.

وروت أم سلمة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى المعتدة أن تختضب بالحناء، وقال: الحناء طيب. وهذا يدل على وجوب اجتناب الطيب؛ لأن الطيب فوق الحناء، فالنهي عن الحناء نهي عن الطيب من باب أولى.

وقال محمد البابرتي الحنفي في كتابه "العناية على شرح الهداية":

والحداد: أن تترك الطيب والزينة والكحل والدهن المطيَّب وغير المطيَّب إلا من عذر، وفي الجامع الصغير إلا من وجع. اهـ.
وقال ابن عبد البر المالكي في الكافي: والإحداد هو: اجتناب جميع ما يتزين به النساء من حلي, وصبغ, وكحل, وخضاب, وثياب مصبوغة ملونة، أو بيض يلبس منها للزينة. وقد قيل: إنه لا بأس بلبس البياض والسواد الأدكن. والصواب: أنها لا يجوز لها شيء تتزين به بياضًا ولا غيره. وأما الحلي والخاتم وما فوقه: فلا يجوز للحاد لبسه, وكذلك الطيب كله مؤنثه ومذكره، وإن اضطرت إلى الكحل اكتحلت ليلًا ومسحته بالنهار، ولا تقرب شيئًا من الأدهان المطيبة, كدهان البان, والورد, والبنفسج, والخيري، ولا بأس بالزيت, والسيرج, والسمن, وكل ما لا زينة فيه, فلا بأس للحاد من النساء به؛ لأنها منعت من التزويج ومعانيه. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني