الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم وقف الأم أكثر من نصف ما تملكه وكتابتها بعض ما تبقى لأحد أولادها

السؤال

كتبت والدتي وصيتها وأوقفت أكثر من نصف ما تملكه، وكتبت جزءا من الباقي باسم أحد إخوتي، وأجبرتنا على التوقيع بالموافقة، فهل تصرفها صحيح؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كانت أمك أوقفت القدر المذكور في حال صحتها، فهو وقف لازم، ولا حق للورثة فيه، وأما إن كان في مرض الموت المخوف، أو أوصت أن يوقف بعد الموت، فيصح الوقف، ولكن يخرج من الثلث، فما زاد على الثلث لا يخرج إلاّ بإذن الورثة، وانظري الفتويين رقم: 16916، ورقم: 110823.

وأما ما كتب باسم أحد إخوتك: ففيه احتمالان:

الأول: أن تكون قد كتبته تمليكا في حال حياتها وصحتها، فهي هبة محرمة، وقد بينا حكمها، وما يترتب عليها في الفتويين رقم: 240931، ورقم: 228580.

الثاني: أن تكون كتبته على سبيل الوصية بعد موتها، أو كتبته منجزا، لكن في مرض موتها المخوف، فيعتبر وصية والوصية للوارث موقوفة على إجازة الورثة، على ما بيناه في الفتويين رقم: 170967، ورقم: 26630.

ولا عبرة بموافقتكم على الوصية في حياتها ـ ولو كنتم مختارين ـ وبالأولى لو أجبرتكم، فإنما تعتبر الإجازة بعد الموت قال ابن أبي عمر في الشرح الكبير: مسألة: ولا تصح إجازتهم وردهم إلا بعد موت الموصي وما قبل ذلك لا عبرة به ـ فلو أجازوا قبل ذلك ثم ردوا أو أذنوا لموروثهم بالوصية في حياته بجميع المال أو بالوصية لبعض الورثة ثم بدا لهم فردوا بعد وفاته، فلهم الرد، سواء كانت الإجازة في صحة الموصي أو مرضه، نص عليه أحمد في رواية أبي طالب وروي ذلك عن ابن مسعود وهو قول شريح وطاوس والحكم والثوري والحسن ابن صالح والشافعي وأبي ثور وابن المنذر وأبي حنيفة وأصحابه، وقال الحسن وعطاء وحماد بن أبي سليمان وعبد الملك بن يعلى والزهري وربيعة والاوزاعي وابن أبي ليلى: ذلك جائز عليهم، لأن الحق للورثة فإذا رضوا بتركه سقط حقهم كما لو رضي المشتري بالعيب، وقال مالك إن أذنوا له في صحته فلهم أن يرجعوا وإن كان ذلك في مرضه وحين يحجب عن ماله فكذلك جائز عليهم، ولنا أنهم أسقطوا حقوقهم فيما لم يملكوه فلم يلزمهم كالمرأة إذا أصدقت صداقها قبل النكاح أو أسقط الشفيع حقه من الشفعة قبل البيع ولأنها حالة لا يصح فيها ردهم للوصية، فلم تصح فيها إجازتهم كما قبل الوصية. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني