الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نصائح للبعد عن مشاهدة الأفلام الخليعة

السؤال

إخواني: أنا أخوكم في الله، مشارك جديد، أرجو منكم بعض النصائح الدينية، والمستعجلة في آن واحد.
مشاكلي كالآتي: أنا شاب أريد أن أترك المعاصي، والموبقات، والمهلكات، والنظر إلى ما حرم الله، وفي نفس الوقت أريد أن يحبني الله، ورسوله صلى الله عليه وسلم، كما أتمنى أن تكون أخلاقي، ومعاملتي مع أبي، وأمي، ومع إخوتي، ومع خطيبتي، ومع الناس على أحسن وجه. كما أتمنى أن أرتاح، وأكون مخلصا في أداء واجباتي الدينية، والدنيوية.
كما أريد كذلك أن يستجيب الله لدعائي، ورجائي.... ولكن، أقول: ولكن؛ لأني:
أولا: لم أستطع، لم أستطع، لم أستطع... ترك كل هذه المعاصي، والمحرمات، وأولها مشاهدة الأفلام (الخليـ....) وما يترتب بعد مشاهدتها من آثام كترك صلاة الفجر، وقسوة القلب، والغضب الشديد مع كل شخص حتى مع أبي، وأمي، ولو لأتفه الأسباب.
ثانيا: ثقتي بنفسي أصبحت معدومة، وثقتي بالناس تراجعت بشكل كبير. والمشكلة الأكبر التي أتخوف منها هي "لا أقول ثقتي بالله" بل أقول معاملتي مع الله، باتت تخيفني بشكل أكبر، والدليل على ذلك: أصبحت نفسي تأمرني بالسوء والفحشاء، وهجراني للقرآن الكريم بعدما كنت مواظبا على قراءة ورد كل يوم وليلة، وتركي لصلاة الفجر في وقتها بشكل مفاجئ جدا، بعد أن كنت أنهض كل يوم لصلاتها في المسجد، أما الآن فالعكس، كل هذه الدلائل، وهناك أخرى كالانقطاع عن صلة الأرحام، والغيبة، وسوء الظن بالناس و..... الخ.
كل هذه الأمور أبعدتني عن الله عز وجل.
ثالثا: ورغم ذلك إلا أنني لم أشرب الخمر في حياتي، ولست من الزناة، ولست من المدخنين، وأحافظ على الصلوات الأخرى في المسجد. ولكن أخاف من غلبة النفس، والشيطان.
رابعا: في الحقيقة أنا أعرف جيدا أن هذه المحرمات خطيرة على مستقبلي، وعلى ديني؛ ومن أجل هذا سعيت "جـاهدا " لتركها بكل ما بوسعي من حسن الدعاء، والتضرع إلى الله، والخشوع إليه في أوقات الاستجابة، بالإضافة إلى كثرة الأذكار، والاستغفار، والاستماع إلى المشايخ، والعلماء، والدروس الدينية بشتى أنواعها. لكن كل ذلك للأسف باء بالفشل، والإحباط، وسرعان ما ضعفت إرادتي. أدى ذلك حتما الرجوع إلى المحرمات، وخاصة مشاهدة تلك الأفلام.
أنا أشعر أن هناك حلقة ضائعة، أو وصلة مهملة تحول بيني وبين ربي، والله العظيم في رأيي الخاص أني اتخذت كل الأسباب، ولم أنس مسبب الأسباب لترك هذه المعاصي التي نهشت لحمي، وأضعفت إرادتي، وصبري، وغلظت قلبي، وجمدت طاعتي، وقللت حيلتي، وزادت من همومي، وأحزاني.
وفي الأخير أقول لكم أرجوكم، أرجوكم ساعدوني على إيجاد دواء، وعلاج لهاذا الوباء، والله أريد أن يحبني الله، وأن أنجح في حياتي، وآخرتي قبل فوات الأوان، وأنا أعرف أن العلاج يتطلب وقتا ربما يكون طويل الأمد، إلا أنني مستعد لتلقي الدواء من مساعدتكم.
أريد أن يكون هذا العلاج خطوة، بخطوة حتى أنجح في ذلك.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله تعالى أن يتوب عليك، وأن يغفر ذنبك، ويطهر قلبك، ويحصن فرجك.
فالذي نوصيك به بعد تقوى الله تعالى هو مجاهدة النفس, والهوى, والشيطان, والبعد عن هذه الأفعال المحرمة, والتوبة منها, فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له.
كما نوصيك بما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم أمثالك من الشباب، حيث خاطبهم بقوله: يا معشر الشباب, من استطاع منكم الباءة فليتزوج, فإنه أغض للبصر, وأحصن للفرج, ومن لم يستطع فعليه بالصوم, فإنه له وجاء. متفق عليه.
والظاهر مما ذكرت أن مشاهدة الأفلام الخليعة هي التي جرتك إلى هذه الآثام، والمنغصات، وعدم التوفيق في أمور دينك، ودنياك.
لذا نوصيك بمواصلة جهاد النفس، فإن ترك مشاهدة الأفلام الخليعة يحتاج بعد الاستعانة بالله تعالى، إلى إرادة قوية، وعزم أكيد، مع عدم التعرض إلى ما يثير الرغبة في مشاهدتها، كرؤية الصور الفاتنة، ومما يقوي هذه الإرادة استشعارُك رؤية الله تعالى لك، وأنه مطَّلع على عملك، ومجازيك به، وأنه سائلك عن عمرك فيم أفنيته؟ وعن شبابك فيم أبليته؟ فأعد للسؤال جوابا، فقد قال صلى الله عليه وسلم: لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع .. ومنها: وعن شبابه فيم أبلاه؟ وعن عمره فيم أفناه. رواه الترمذي. فالعبد يسأل عن عمره عامة، وعن شبابه خاصة، فهل إذا سألك مولاك عن ذلك هل ستجرُؤ أن تقول: كنت أشاهد الأفلام الخليعة.
واعلم أن المشقة الناشئة عن مجاهدة النفس على ترك مشاهدة الأفلام الخليعة، وعلى ترك النظر إلى الصور المثيرة الداعية إلى مشاهدتها، تكون قوية في بادئ الأمر، ولكن بالاستعانة بالله تعالى، وأخذ النفس بالشدة والاستمرار في المجاهدة، يهون الأمر ويسهُل، وانظر بعض التدابير المعينة ـ بإذن الله تعالى ـ على الاستقامة، وترك مشاهدة الحرام في الفتاوى التالية أرقامها: 6617، 75623، 137744، 194891، 204682، 219850، 66439، 251746.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني