الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسائل فيمن أخرت قضاء الصوم لأسباب متنوعة، وماتت ولم تقض

السؤال

علي قضاء ما أفطرته بسبب الحيض من رمضانات في السنوات الماضية، وعرفت معنى الكفارة في العام الماضي، ولو صمت فإن كان سيبقى علي دين بعد رمضان، وبعد رمضان من العام الماضي بدأت في الصيام، لكنني توقفت ـ ويعلم الله السبب ـ والآن لا أستطيع أن أكمل، وبقي علي تقريبا شهران، ربما أصوم بعض الأيام حسب الظروف، ففي العام الماضي صمت ستة أيام من شوال وتاسوعاء وعاشوراء وعرفة بعدما عرفت أجرها، وفي السنوات الماضية كنت في بعض المرات أصوم ستة أيام من شوال وأقضي قليلا لا أتذكره، وبعدما صمت شوال هذا العام رأيت أنه أولا يجب صيام القضاء، فهل يقبل صيامي لعاشوراء وتاسوعاء وعرفة؟ وهل يقبل مني صيام شوال أم لا؟ وإن كانت لا تقبل مني ست من شوال، فهل يمكن أن أنقصها من الدين، وأيضا ست من شوال في السنة قبل الماضية رغم أن نيتي كانت صيام ست من شوال لمعرفتي بأجرها؟ وماذا إذا مت قبل أن أقضي الدين، ولا أدري هل سأستطيع الكفارة أم لا، والله يعلم الظروف التي منعتني من الصوم، ولأول مرة أقول لا يكلف الله نفسا إلا وسعها.
وبارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فههنا مسائل:

الأولى: بخصوص كفارة التأخير، وهي واجبة على من أخر قضاء رمضان بدون عذر حتى دخل رمضان الذي بعده، إلا أن من لم يكن عالما بحرمة تأخير القضاء أصلا، فلا كفارة عليه، وانظري الفتوى رقم: 66739، وما أحيل عليه فيها.

أما من يعلم بحرمة تأخير القضاء دون العلم بوجوب الكفارة، فلا تسقط عنه الكفارة إذا حصل موجبها، لأن الجهل بما يترتب على الفعل المحرم ليس بعذر، قال ابن عثيمين رحمه الله: فالجهل بما يترتب على الفعل المحرم ليس بعذر، والجهل بالفعل هل هو حرام أو ليس بحرام، هذا عذر. اهـ.

ومن ثم، فإن كنت بعد علمك بحرمة تأخير القضاء فرطت فيه وتساهلت حتى دخل رمضان الآخر، فإن عليك كفارة التأخير عن كل يوم من تلك الأيام التي فرطت فيها حتى دخل رمضان، وأما إن كنت بادرت إلى القضاء ولكن الوقت المتبقي لم يكف لقضاء الجميع، أو جاءك عذر شرعي منعك من الإكمال، فلا كفارة عليك، ولكن يجب عليك بعد رمضان قضاء ما بقي عليك بحيث لو دخل رمضان آخر وأنت لم تقضي ما عليك تفريطا وتقصيرا تكون عليك كفارة التأخير، وهي: إطعام مسكين واحد عن كل يوم، بأن يدفع له مد من طعام، وهو ما يساوي 750 غراماً تقريباً من الأرز، أو ما يساوي ذلك في الكيل من غالب القوت، ومن أهل العلم من يرى أنه يدفع للمسكين مد من بر، أو نصف صاع من غيره من الطعام، ولا تتكرر هذه الكفارة إذا تأخر القضاء أكثر من عام، وراجعي الفتوى رقم: 163065.

الثانية: صيام الست وعرفة وعاشوراء لمن عليه القضاء، وهو أمر جائز والصيام صحيح ومقبول ـ إن شاء الله ـ وإن كان الأولى تقديم القضاء، مراعاة لمن قال بحرمة التطوع قبل قضاء رمضان وهي رواية عن الحنابلة، وراجعي الفتوى رقم: 3718.

ولا يصح تغيير النية فيما قد فعلت من الصوم، بحيث يصير عن قضاء رمضان والحال أنك صمته بنية التطوع، فالنية لا تؤثر في العبادة بعد انتهائها، وبالتالي فإن ما فعلت من الصوم قد وقع عما نويته به من صيام الست من شوال أو عرفة أو عاشوراء، ولم تبرأ به ذمتك من القضاء، وراجعي الفتوى رقم : 6651.

الثالثة: من مات وعليه صوم لم يتمكن من قضائه لعذر شرعي، فلا شيء عليه، لأنه معذور، وعليه؛ فإنك إذا لم تستطيعي قضاء ما عليك لعذر شرعي حتى جاءك الموت، فإن الله تعالى لا يحاسبك على ذلك، لأنك لم تقصري، وهو سبحانه لا يكلف العبد بما لا يطيق، قال تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ {البقرة:286}. وقال: وَلَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ {المؤمنون:62}.

وراجعي للفائدة حول بعض الأعذار المبيحة للفطر فتوانا رقم: 26692.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني