الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كفارة الأيمان المتعددة

السؤال

لدي أربعة استفسارات:
أولها: استفتيت أحدهم في كفارتي لأيمان كثيرة صدرت مني لا أذكر عددها، فأخبرني بصوم أقل الجمع وهو 3 كفارات أي تسعة أيام. ومما فهمته منه أني مخير بين الصوم والإطعام والكسوة والعتق. ثم بعد أن صمتهم قرأت أنني لا يجزئني الصوم ما دمت قادرًا على الإطعام مثلًا. فمن أين أتى برأيه هذا؟ هل هناك من قال به من أهل العلم؟
ثانيها: من سنين لا أذكر عددها حدث معي أمر لا أذكر تفاصيله جيدًا، ولكن سأحاول إخباركم بما أذكره: تقريبًا حدث أن نزل مني المني في نهار رمضان في وضع كنت نائمًا فيه على جنبي ومعتصر ذكري بين فخذي، وعندما نزل قلت لنفسي: إنه لا دخل لي بنزوله هذا؛ فأنا نائم على جنبي اليمين -كما في السنة هذه كانت حجتي-. ولا أذكر هل كنت قاصدًا استدعاءه أم لا؟ ولا أذكر أيضًا هل اعتبرته يومًا صحيحًا -وهو الغالب- ولم أقضه أم صمت يومًا تحسبًا لبطلانه -وهو الأغلب لأني أفعل هذا عادة- فماذا عليّ الآن؟
ثالثها: آخذ بقول من يرى كفر تارك الصلاة ولو كسلاً ولو صلاة واحدة؛ لأن جمعًا من الصحابة -رضي الله عنهم- قالوا ذلك. و كنت أترك الصلاة وأعود وأتوب وأدخل في الإسلام من جديد، وأتركها وأعود، وهكذا. فهل لتكرار هذا الأمر لا تصح توبتي؟ وهل سقط عني بردّتي صيام كفارة اليمين وفدية تأخير رمضان أم باقية في ذمتي؟
رابعها: قرأت عن الخلاف في أمر قضاء الصلاة المتروكة عمدًا، وأنا لا أعلم أيها الراجح والأقوى دليلًا؛ لذا وددت سؤالك عن هذا، وأي القولين ترجح؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كنت لا تعلم عدد ما حنثت فيه من الأيمان فعليك أن تحتاط، وتعمل بما يغلب على ظنك، ثم تكفر عنها؛ بالإطعام أو الكسوة أو العتق، فإن عجزت عن الثلاثة فلك أن تصوم ثلاثة أيام عن كل يمين.
فقد أجابت اللجنة الدائمة في المملكة العربية السعودية عمن نسي عدد أيمان كان قد حنث فيها فقالت: والأيمان إذا تعددت فإن كانت على شيء واحد كفتها كفارة واحدة إذا لم يكفر عن الأولى، مثل أن يقول: (والله لا أكلم فلانًا)، ويكرر ذلك كثيرًا ثم يكلمه. وإن تعدد جنس المحلوف عليه مثل أن يقول: (والله لا أكلم فلانًا) ثم يكلمه، (والله لا أسافر إلى كذا) ثم يسافر.. وهكذا، فلكل يمين كفارتها، وعليك الاحتياط لنفسك بالكفارة, مما يغلب على ظنك أنها تبرأ به ذمتك. انتهى.
وكفارة اليمين ليست الصيام ابتداء، بل بما ذكرنا من إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فمن لم يجد صام ثلاثة أيام، ولا نعلم من خالف في هذا؛ فقد قال الله تعالى: لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {المائدة:89}. قال ابن كثير في تفسيره: فإن لم يقدر المكلف على واحدة من هذه الخصال الثلاث، كفر بصيام ثلاثة أيام، كما قال تعالى: فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام. انتهى.

وبهذا تعلم: أن الشخص الذي أفتاك أخطأ في فتواه وأفتى بغير علم؛ لذا ننصحك ألا تستفتي إلا من هو أهل لذلك.

ونكتفي بجواب سؤالك الأول، ونرحب بباقي أسئلتك في رسالة أخرى، التزامًا بنظام الموقع من أن على السائل الاكتفاء بكتابة سؤال واحد فقط، وأن السؤال المتضمن عدة أسئلة يجاب السائل على الأول منها فحسب.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني