الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم قول الزوج: لا أريدك، نعتبر محرمين شرعا.

السؤال

سؤالي هو: منذ سنة تمت خطبتي لشخص في بلد آخر. وبعد فترة تم كتب الكتاب، ولم أشاهد خطيبي منذ الخطبة، حتى كتب الكتاب تم بالوكالة من أجل أن أستطيع الذهاب لبلده ونتزوج. وبعد كتب الكتاب قال لي: لا تأتي إلى بلدي، ولكن اذهبي إلى تركيا؛ لكي أذهب إلى أوروبا بحكم وضع بلدي سوريا، مع أنه أردني، ويقيم في الأردن، وقام بإعطائي مبلغا لكي أذهب إلى أوروبا.
وعندما وصلت إلى تركيا، وجدت الطريق صعبا، والمبلغ لا يكفي، فقلت له: لا أريد أن أتابع، وأريد الرجوع، والمبلغ لا يكفي، فقال لي: إن عدت، لي كلام آخر معك، وبالفعل بقيت في تركيا. ولأن طريق الرجوع لسوريا خطر، وبالفعل وصلت إلى السويد، بعد أن قام أهلي بدفع ضعف المبلغ الذي أعطاني إياه، مع العلم أن والدي لم يقبل أن يبعثني لوحدي، فبعث إخوتي معي.
وعندما وصلت إلى السويد بدأ يتغير، ومعاملته تسوء حتى منذ كنت بتركيا، كان همه الوحيد أن أصل لأوروبا، وكأنني وسيلة نقل، ولكن صبرت، وقلت إن بعض الظن إثم، وسوف أعمل له لم شمل، وليأت، فإن كان جيدا، لا بأس، وإن كان سيئا فلي الله، وسأعمل بأخلاقي، ولكن معاملته أصبحت تسوء أكثر فأكثر، وأصبح يتهمني بالخيانة مرة، والكذب مرة، وكل ذلك لأنني عندما وصلت، قال لي ابعثي لي نقودا من راتب اللجوء، وأنه معتمد على أن أبعث له نقودا من أجل أن يذهب للسفارة في تركيا من الأردن، ويعمل مقابلة، وأجرة الطائرة، وقلت له إن الراتب لا يكفي مصروف طعام فقط لي، فقال لي أنت كاذبة، ونحن اتفقنا على ذلك، أن أبعث له نقودا، فقلت له: لا، لم نتفق، وبالفعل لم نتفق على ذلك، وراتب اللجوء لا يكفي سوى للطعام، وأصبح يسيء إلي أكثر، ويتلفظ بألفاظ بذيئة، وأحيانا يقول لي أنا لا أريدك، وأرجعي لي النقود التي أعطيتك إياها، وهكذا نفس الكلام، ثم يعود يغير الموضوع، مرة قال لي بالحرف: أنا لا أريدك، لكن عندي حقك المتقدم، والمتأخر تخصمينه من المبلغ الذي أعطيتك إياه، وترجعين الباقي، ونحن الآن نعتبر محرمين شرعا على بعض، دخلنا بالمعروف، ولنخرج بالمعروف. فهنا لم أعرف أنه لفظ طلاق، أو كناية؛ فقام والدي بسؤال مفتي دمشق، فقال له إن من الأفضل أن يذهب إلي، ويكتب كتابا جديدا أنه يريدني؛ لأننا فقط خطبة، وككتب كتاب، ودون أن أراه، وعندما قلت له، قال لي بعد فترة إنه ذهب إلى دار الإفتاء عندهم، وقال لهم، وهم قالو له إن عليه فقط دفع كفارة، وأنا وهو اتفقنا على أن يقوم بالقدوم إلي، ونكتب كتابا من جديد، ولكن بعد فترة رجعت المشاكل بيني وبينه، بالأصح، لم تحل المشاكل حتى أن أباه عندما جاء لأبي، وقال له والدي: إن المفتي قال إن عليه أن يأتيني، والأفضل كتب كتاب جديد، قال له والده: والله نحن لا نريدها، وكان من اللازم أن نكتب ورقة بالنقود التي أعطيناها، فقال له والدي: أنتم الذين أردتم أن تذهب إلى أوروبا، وتركتموها في نصف الطريق، ودفعت ضعف المبلغ. وبعد ذلك هو أعطاها النقود على أساس أنها امرأته، وليست امرأة من الشارع، فكان هو وأهله همهم الأول النقود، وهم لا يريدونني، وهو همه إما أن أعمل لم شمل له، أو أعطيه النقود، وآخر مرة حدثت مشكلة، قال لي: سوف أتركك لا معلقة، ولا مطلقة، وأحرق قلبك، وأنا من الغد يمكنني أن أتزوج، ويريد الفلوس، ولم أعد أتحدث معه، وهو كذلك لم يعد يكلمني، ورفعت دعوى في المحكمة السورية من أجل الطلاق، وبعد فترة ثمانية أشهر أصبحت خالته وعمته تتصلان بي، وتقولان إنه يريد المبلغ؛ لأني لا أريد أن أعمل له لم شمل، وأن المبلغ من حقه، وهو وأهله أبدا لم يتحدثوا معي.
فسؤالي: كلمته: نحن نعتبر محرمين على بعض شرعا، دخلنا بالمعروف، ولنخرج بالمعروف، ولك عندي المتقدم والمتأخر. هل هي طلاق؟ والمبلغ الذي أعطاني إياه من حقه أم لا كونه أجرة طريق ولم يكف لنصف الطريق؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقول زوجك: "نعتبر محرمين شرعاً " و: لا أريدك، ونحوها من العبارات، ليست صريحة في الطلاق، ولكنّها كناية يرجع فيها إلى نيته.

فإن نوى بها الطلاق، فقد وقع، وحيث وقع طلاقه، فلك نصف جميع الصداق، مقدمه، ومؤخره. وأما نفقات سفرك من بلدك إلى السويد، فهي عليه، ولا يلزمك منها شيء؛ لأنه لا يلزمك تسليم نفسك إليه في السويد، وإنما هو الذي أراد سفرك إليها، فتجب عليه نفقات السفر.

جاء في حاشية البجيرمي على الخطيب: وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بالشام، وَالْعَقْدُ بِغَزَّةَ، سَلَّمَتْ نَفْسَهَا بِغَزَّةَ؛ اعْتِبَارًا بِمَحَلِّ الْعَقْدِ، فَإِنْ طَلَبَهَا إلَى مِصْرَ، فَنَفَقَتُهَا مِنْ الشَّامِ إلَى غَزَّةَ عَلَيْهَا، ثُمَّ مِنْ غَزَّةَ إلَى مِصْرَ عَلَيْهِ. اهـ.

وعلى أية حال، فإنّ المسائل التي فيها منازعات، يرجع فيها إلى المحكمة الشرعية للفصل فيها.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني