الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كلام أهل العلم في المفاضلة بين التهليل والتحميد

السؤال

أيهما أكثر ثوابا قول الحمد لله أو قول لا إله إلا الله؟ وما أقوال العلماء في ذلك؟
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالمفاضلة بين كلمة التوحيد "لا إله إلا الله" وبين "الحمد لله" محل خلاف بين أهل العلم, وقد رجح بعضهم تفضيل كلمة التوحيد, وإليك بعض كلام أهل العلم, جاء في الاستذكار لابن عبد البر: وقد اختلف العلماء في الذكر فقال منها قائلون: أفضل الكلام لا إله إلا الله، واحتجوا بهذا الحديث وما كان مثله فإنها كلمة التقوى، وقال آخرون: أفضل الذكر الحمد لله رب العالمين، ففيه معنى الشكر والثناء، وفيه من الإخلاص ما في لا إله إلا الله، وأن الله افتتح به كلامه وختم به، وأنه آخر دعوى أهل الجنة، ودون كل فرقة مما قالت من ذلك أحاديث كثيرة قد أوردنا أكثرها في التمهيد، وهي كلها آثار مسندات حسان، وهي مسألة توقيف لا يدخل فيها الرأي فلا بد فيها من الآثار والذكر كله عند العلماء دعاء. انتهى
وفي فتح الباري لابن حجر: وحديث: أفضل الذكر لا إله إلا الله، أخرجه الترمذي والنسائي وصححه ابن حبان والحاكم من حديث جابر، ويعارضه في الظاهر حديث أبي ذر قلت: يا رسول الله؛ أخبرني بأحب الكلام إلى الله، قال: إن أحب الكلام إلى الله سبحان الله وبحمد.ه أخرجه مسلم، وفي رواية سئل أي الكلام أفضل؟ قال: ما اصطفاه الله لملائكته سبحان الله وبحمده، وقال الطيبي في الكلام على حديث أبي ذر: فيه تلميح بقوله تعالى حكاية عن الملائكة ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك، ويمكن أن يكون قوله: سبحان الله وبحمده مختصرا من الكلمات الأربع وهي: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر؛ لأن سبحان الله تنزيه له عما لا يليق بجلاله وتقديس لصفاته من النقائص فيندرج فيه معنى لا إله إلا الله، وقوله: وبحمده، صريح في معنى والحمد لله لأن الإضافة فيه بمعنى اللام في الحمد، ويستلزم ذلك معنى الله أكبر لأنه إذا كان كل الفضل والأفضال لله ومن الله وليس من غيره شيء من ذلك فلا يكون أحد أكبر منه، ومع ذلك كله فلا يلزم أن يكون التسبيح أفضل من التهليل لأن التهليل صريح في التوحيد والتسبيح متضمن له، ولأن نفي الآلهة في قول لا إله نفي لمضمنها من فعل الخلق والرزق والإثابة والعقوبة، وقول إلا الله إثبات لذلك ويلزم منه نفي ما يضاده ويخالفه من النقائص، فمنطوق سبحان الله تنزيه ومفهومه توحيد، ومنطوق لا إله إلا الله توحيد ومفهومه تنزيه، يعني فيكون لا إله إلا الله أفضل؛ لأن التوحيد أصل، والتنزيه ينشأ عنه، والله أعلم. وقد جمع القرطبي بما حاصله إن هذه الأذكار إذا أطلق على بعضها أنه أفضل الكلام أو أحبه إلى الله فالمراد إذا انضمت إلى أخواتها بدليل حديث سمرة عند مسلم أحب الكلام إلى الله أربع لا يضرك بأيهن بدأت: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، ويحتمل أن يكتفي في ذلك بالمعنى فيكون من اقتصر على بعضها كفى؛ لأن حاصلها التعظيم والتنزيه، ومن نزهه فقد عظمه، ومن عظمه فقد نزهه. انتهى. وقال النووي: هذا الإطلاق في الأفضلية محمول على كلام الآدمي وإلا فالقرآن أفضل الذكر، وقال البيضاوي: الظاهر أن المراد من الكلام كلام البشر فإن للثلاث الأول وإن وجدت في القرآن لكن الرابعة لم توجد فيه ولا يفضل ما ليس فيه على ما هو فيه، قلت: ويحتمل أن يجمع بأن تكون من مضمرة في قوله أفضل الذكر لا إله إلا الله، وفي قوله أحب الكلام، بناء على أن لفظ أفضل وأحب متساويان في المعنى، لكن يظهر مع ذلك تفضيل لا إله إلا الله؛ لأنها ذكرت بالتنصيص عليها بالأفضلية الصريحة وذكرت مع أخواتها بالأحبية، فحصل لها التفضيل تنصيصا وانضماما، والله أعلم. انتهى

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني